دال نقطة .. بريق وأكلاف

mainThumb

13-09-2010 07:00 AM


بريقها أخاذ، يخطف الأبصار.. لذلتها لا تدانيها لذة، تجمع كل اللذائذ فيها إن كانت قصدت لذاتها! ... قد يفضلها البعض على لذة السيادة أو هي طريق لها..


..لم تكن في الماضي كما الآن، إذ فقدت مضمونها العلمي في الكثير من النماذج! أما سابقا فكانت ترتبط بصاحب علم تفرغ له فقيل عالم، وكان البعض هدفه مطوي منها في نفسه ويظهر في بعض فلتاته، كممارات السفهاء، أو يتخذه سلما لأهداف لا تنال إلا بالعلم ولكنه عالم..


أما الآن فقد يحصل أحدهم على درجة علمية ليس له منها إلا الاسم، وقد لا تجبر كسر نفسه المريضة! فأصبح كما قال الشاعر:


وأن للجهل فضلا لست صاحبه بالعلم، والعلم في "البلدان" أزياء


ليسوا سواء - للإنصاف- منهم من اشترى العلم وبحث عنه، وأعطاه كل وقته، وكمحصلة طبيعية أصبح يحمل درجة الدكتوراه، لكنه لا يعير انتباهه لألقاب ولا يتغير فيه شيء بل يتواضع.


جاهد البعض للحصول عليها لا طلبا لعلم ولا خدمة لبشرية! ولكن ليقال يا دكتور، وليضع قبل اسمه:( دال نقطة) ويشمخ في المجتمع ظنا منه أنه تسنم أعلى الدرجات وارتقى أعلى المراتب! وكم يغضب إذا أسقط أحدهم هذا اللقب من اسمه قولا أو كتابة، فهو بذلك يكون قد اعتدى على كينونته واستأصل شأفته، فيغضب غضبا شديدا، كأنه تجرّد من ثيابه! حتى لو كان حصل على هذا اللقب كقشور دون لب، كالكثير ممن استهواهم اللقب ولم يستطع الحصول عليه بالطرق المعروفة، فحصل عليه بالمال أو بالتزوير، ومنهم من ذهب بعيدا في شوقه للقب لم يمتلك أدواته كالعلم والمال فأطلقه على نفسه وكتبه قبل اسمه وهو حاصل على دبلوم كلية المجتمع!.


فما الذي دفع هؤلاء لاتخاذ هذا السلوك أهو المجتمع الذي انتشر به العلم حديثا، أم الشخص نفسه أم العصر أم كلها تضافرت لتصنع هذا السلوك.


الدخلاء


كانت نظرة المجتمع للمتعلم نظرة إجلال وإكبار، لظروف مرت بها مجتمعاتنا العربية، ومن يحصل على درجة علمية، يعطيه المجتمع قياده، لعلمه أنه يملك العلم والمعرفة والعقل، وهو القادر على تسيير أمورهم بكفاءة، ويتكلم باسم الجميع بعقلانية، لأن العلم هذبه وأعطاه من التجارب ما لم يحصل عليه كبير القوم! لذا تبوأ صاحب الشهادة في مجتمعنا سابقا مكانة مرموقة وحظي بكل احترام من الناس وحتى الحكومات... وهذا ما دعا فئة من الشباب تسعى للحصول على هذا الاحترام والتقدير والتقديم، ولكن دون أدوات، فبحثوا فيما تيسر لديهم، فمنهم من ابتاع هذا اللقب ومنهم من ادعاه، ومنهم من أجهد نفسه للحصول عليه، لا لعلم ولكن ليقال له يا دكتور.. ما جرّ وبالا على العلم وأصحابه، ووصل إلى الجامعات ونتاجها، وهذه الفئة يجب أن تقصى عن هذا المجال وعلى الدولة التصدي لها لكي يبقى العلم محترما، فالعلم ليس للمباهاة والاستعراضات وليس للزينة.....



كان فصار


كان ودودا، ضحوكا، خفيف الظل، اجتماعيا يزور الجميع، ويصادق الجميع.. وعندما وضع "الدال والنقطة" قبل اسمه، انقطع عن العامة، وتجهم وجهه فلا يضحك إلا لماما، وضيع كثيرا من أصدقائه، فلا يواصل إلا من يشعر أنهم لا ينزلون به إلى الماضي( الحضيض) فهو يكره أن يرجع إلى الماضي كما يكره أن يقذف في النار...


انسلخ من ماضيه وحاول أن يغير كل شيء في نفسه وشكله، غير صوته، وضحكته، ومشيته، تغيرت حركاته وسكناته، كل شيء فيه أصبح منتقى! ألبسه اللقب الجديد ثوبا جديدا منسوج من التكلف والعجب... اجتماعياته تقلصت وأصبحت مقصورة في دائرة معينة يرى فيها نفسه بعيدا عن العامة.. في وقت يكسب العلم الشخص تواضعا وسعة صدر وتقربا من الناس.. فماذا يكون ذلك.



من قال علمت فقد جهل



قال البعض: إن العلم هو المطلب، ودرجة الدكتوراه ما هي إلا عتبة دخول العلم والبحث، والغوص في لجته، والتبحر في محيطه الواسع، فكلما تبحر الإنسان في العلم، أدرك كم هو صغير أمام العلم فتواضع، وأدرك كم يخفى عليه من العلم فشعر بالحاجة إلى النهل منه وكم هي طويلة طريقه، وعميقة لجته، فجد في البحث وهذا قد يقطع الإنسان عن محيطه، ويحجبه عن كثير من الاهتمامات، لكنه لا يغير نفسه ولا ينظر للناس إلا بعين التواضع والوقار.. أما من شعر أنه بهذا اللقب قد ختم العلم وأغلق كتبه ولبس أزياءه وطلب من الناس أن يوقروه لأنه علا عليهم بعلمه واستشرفهم بشهادته وتفوق عليهم بلقبه( دكتور) فهو الجاهل واضح الجهل فهو كالصاعد إلى جبل عال يرى الناس صغارا وهم يرونه صغيرا...



 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد