صفوة أم سطوة

mainThumb

08-08-2010 08:00 AM

عندما حُل المجلس النيابي السابق كان على أثر رؤيا واضحة وحكيمة بوجود تدهور وتلاعب من قبل البعض الذين وصلوا إلى مراكز السلطة التشريعية والتنفيذية لإحكام نفوذهم ليس لمصلحة الوطن والمواطن إنما لمصالح شخصية بحتة أدت إلى اختلال بالتوازن الاجتماعي والاقتصادي ومنه إلى إغراق الوطن , فكان حل المجلس القشة التي قصمت ظهر المفسدين وبنفس الوقت القشة التي تعلق بها الغريق- وتنفسنا الصعداء من هَمّ كان جاثما على صدورنا- وابتدأ الشرفاء التفاؤل والأمل في بناء سفينة نجاة جديدة تحمل بين ظهرانيها آمال وآفاق في التغيير والإصلاح.



العلاقة بين الناخب والنائب علاقة موكل ووكيل وأمانة – لا علاقة تزاوج بين السلطة والمال لمصلحة – ومن يدخل بطريقة المال القذر المسمى (السياسي) فطريقة دخوله تثبت وبشكل يقيني انه سوف يقوم بتعويض ما خسر من أموال عن طريق صفقات شخصية بعد أن يحوز على المنصب- فالواجب وكل الواجب أن يكون الوعي لدى المواطن ولا يجب ترك الساحة خالية لتجار الانتخابات تصول وتجول فهذا دور المواطن أن يقطع عليه الطريق فإما شهادة حق وإما شهادة زور- فمن يسلك هذا الدرب يعطي من طرف اللسان حلاوته ثم يراوغ مثلما يراوغ الثعلب.



للكرسي عالم خاص به فيقتتل للجلوس عليه جمع من الطامحين الطامعين للسلطة ولو لم يكونوا مؤهلين لها متناسين الحقيقة القائلة لو دامت لغيرك لما وصلت إليك- فشهوة الكرسي تجتاح صاحبها لافتتانه بنفسه تحقيقا لمطامحه التي لا تُنَفّذْ إلا بسطوة وصلاحية – فيَضيِعْ ويُضيِعْ وهذه الشهوة لا تضعف مهما تقادم الزمن فالحياة لا تقبل الهامشي من البشر- ولو تفكّرَ هذا الطامح للسلطة أن بالكرسي "نقطة معتمة" هي "عدم الوفاء" لمن يجلس عليه فهو يطبق مبدأ " الولاء لمن غلب"- فأصحاب الكراسي ذوي السطوة لهم صلاة خاصة بهم تكون قبلتهم" نفسي وما بعدي الطوفان" , وركعاتهم على قدر ملياراتهم – يحتل الصف الأول من المصلين أطولهم بقاء على الكرسي وأكثرهم إيذاء لشعبه, ويُنْذِرونَ الأضاحي لأسيادهم.



والذي يلفت الانتباه إلى مجريات الأحداث هو وقوف بعض القوى وجمودهم ومقاطعتهم للعملية الانتخابية بهدف أن قانون الانتخاب المؤقت لا يتوافق مع تطلعاتهم وما دعوا إليه تاركين زمام الأمور بين أيدي الكثير من المتلاعبين والمفسدين , وهم لا يدركون أنهم بموقفهم هذا شريك لا يقل مسؤولية عن المفسدين بتركهم لحمل المسؤولية فهذا مصير أمة وليست مقتصرة على فرد أو حزب معين- فالذئب يقتص من الشاة القاصية ولمن لا يعلم بتلك الحقيقة فالظبي أسرع من الثعلب وبالرغم من هذا يدركه الثعلب ويأكله والسبب كثرة التفات الظبي من خلفه- واللبيب من الإشارة يفهم.



الصفوة التي نريد من جلسوا و يجلسوا على الكرسي بدون تعرجات والتواء وبدون سعي إليه , فيكون سلوكهم ثابتا لا يتغير بدوران أو انقلاب- هذه هي الصفوة التي نحترم وتعمل في النور لا في السراديب,وهي الشمعة التي تذوب لإنارة درب الواجب والأمانة الملقاة على كاهلها , وهي لا تجعل الكرسي مُطْية لجمع الثروة وتمرير المصالح والمآرب الشخصية , وهي التي تدافع عن حق المواطن والوطن, لديها شعور بالكرامة الوطنية النابعة من احترام الذات والثقة في قدرة الشعب على النمو والنجاح والسعي للتغيير الإيجابي دون خوف, لانتشالهم من هوة اليأس إلى ذروة الأمل , ومن حالة البلادة والسلبية واللامبالاة إلى حالة الدافعية العالية والفاعلية والحماس والإنجاز , ذات شخصية مستقلة لديها الشجاعة للاعتراف بأخطائها والتراجع عنها



 وتصحيحها وتحمُّل مسؤولية نتائجها, نظيفة اليد واللسان, وتعتبر أن الجميع مواطنون شرفاء يشاركون في المنظومة السياسية والاجتماعية بصرف النظر عن الاختلافات الشخصية . وتدرك قيمة التاريخ والعلم والثقافة وقيمة المفكرين والعلماء والمعلمين وأثرهم في رُقى الأمم, لديها حساسية دقيقة فإذا أحست أن وجودها أصبح في غير صالح الوطن والمواطن كانت لديها الشجاعة والقدرة على أن تنسحب بشرف من ساحة القيادة وأن تعود كمواطن عادي تستمتع بحياتها الشخصية والعائلية تاركة المسؤولية لآخر يضطلع بها , ولمن لا يعلم فان للعلم مقياس ويقاس بثلاث أشبار, إن تحقق الشبر الأول تَكَبّر المتعلم , وان أكمل للشبر الثاني تواضَعَ المتعلّم , وان استزاد للشبر الثالث عَلِمَ صاحب العلم انه جاهل.



نؤمن بأن التغيير هو أحد أهم القوانين في الحياة, فلذا وجب توجيه هذا التغيير نحو الايجابية لا السلبية التي أغرقت عالمنا وأصبحت تتخبط لا تعلم من بعد علم شيئا, التغيير سيحصل والعلو سيكون لا محالة وبكافة المجالات , نحن شعب من ستة ملايين مواطن , من يحق لهم الانتخاب أكثر من النصف , ومن يحق لهم الترشح مليون , فلنرفع شعار القادر ذو الكفاءة من المليون أن يمثل وطنه فليتقدم للترشح بلا تردد,حتى لو لم يحصل إلا على صوت واحد هو صوته, فكلنا قادر على التغيير وتحمّل المسؤولية لو وضعنا بأعيننا أن الكرسي والمنصب لا يدوم ولا يبقى على حاله إلا الله, فقرارنا الأخير إما غفلة أو خطوة وصوتنا إما صفوة أو سطوة .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد