طلبوا إقالته، فأقالهم

mainThumb

18-07-2010 07:00 AM


لم يقل أحد من الذين تابعوا مطالب المعلمين: إن مطالبهم غير عادلة، أو أنهم كانوا يعبثون بالوطن أو أنهم تجاوزوا الحد في ممارستهم لحقوقهم، وتفاعلت الوزارة معهم وأقرت بحقهم وأعطتهم قسما من حقهم ووعدت بالباقي على فترات، وانتهى الأمر على ذلك وكلّ أخذ من الآخر موثقا.



لكننا نبقى في العالم الثالث ولا نستطيع أن نكون كبارا ونتعامل مع الأمور بشيء من السياسة، بل نعود إلى أرومتنا، ويحاول المسؤول أن ينتصر لنفسه، وينتقم لكرامته، ويمارس سطوته وقوة الدولة على الضعفاء العزّل، مع أن ما حصل يستدعي استقالة الوزير على الأقل، لأن الوزارة هي التي مازالت والى هذه اللحظة تصنع الأزمات، حتى وصلت إلى الحركة الأخيرة في الأزمة، التي صنعت شرخا بين الحكومة ومؤسسة من الخطورة بمكان وللأسف غير التربويين لا يدركون مدى خطورتها وحجم التأثير الذي تملكه في حين الغافلون لا يفهمون، وبدأنا في انحراف لا نعرف مدى تداعياته على البلد في قابل الأيام.



ليس من المنتظر أن تطفئ الوزارة جذوة النقابة وتفرق المعلمين في هذا العمل، بل هذا العمل أعطاها دفعة قوية، وأشر على أنها ضرورة ملحة من أجل الأمن الوظيفي للمعلم، غير الضمانات الأخرى التي نادى بها المعلمون.



الناطق الرسمي باسم الحكومة قال: إن هذا القرار إداري محض، بمعنى أنه ليس سياسيا، ولكن سوء التقدير سيجعل منه أبعد من ذلك، ويسيسه وإن لم يكن سياسيا، ويوسع الهوة بين المواطن والحكومة ويفاقم الأمور بما يحمل رياح نكباء.



أما التداعيات الاجتماعية والاقتصادية على الفئة التي خرجت بالاستيداع، والتي ستفقد جزءا كبيرا من دخلها، لم تبحثها الحكومة وليست معنية بها، المهم الانتقام الشخصي، مع أن الرزق بيد الله وأن الكفاءات من هؤلاء سيجدون أماكنهم في التعليم الخاص أو في غيره، لكن لماذا لم تفكر الحكومة في هذه الناحية، قبل أن تصول صولتها هذه على الأقل من باب الرعاية لمواطنيها، ولكن يكاد يغيب عندنا مفهوم الدولة.



المفارقة في الموضوع أن الوزارة أخرجت بعض مدراء المدارس على الاستيداع!! لأن بعض المعلمين أضربوا في مدارسهم، وذلك لأن رأس الهرم في المدرسة لم يحول دون هذا العمل المخل بالوظيفة، وفي عرفهم مثل هذا الرأس لا يجب أن يبقى في موقعه، لماذا نظرتم إلى الرؤوس الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة، ونسيتم الرؤوس التي فوق السحاب، لماذا لم يقم بعض المسؤولين بالاستقالة أو حتى التنحي عن العمل الذي تولوا كبره وأنشأوه من الصفر.



إن الذين شاركوا في أزمة المعلمين عرفوا الآن أن المواطن لا يستطيع أن يطلب حقه، أو أن يرى ظلما وينكره، أو يرى خيرا ويدل عليه، أو يبني وطنه كما يريد لا كما يريد المغتصبون، وأن حرية الرأي ليست له وإنما للمغتصبين لحقه، وأنهم إذا تمادوا في حسن ظنهم بالحكومة وحرياتها وسقطوا في عكس ما قدروا، فاغفروا الزلة فنحن عالم ثالث لم نعرف طبائع الاستبداد في بلادنا..





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد