معاناة شعب, هل إلى انتهاء؟

mainThumb

14-07-2010 07:00 AM


كلما زادت معاناة شعب كلما زاد إصراراً و ثباتاً على الحق ....و دوماً ينجلي ويُولد الأمل من رَحِم المعاناة- ولكن عندما تغيب القواعد والأسس والأصول تغيب اللغة المشتركة فتجعل كل شخص يتبع هواه, ثم يسعى جاهدا لكي نمشى وراءه باعتبار هو الصواب , ننشغل فيها بالصغائر ونعتبرها كبائر ,ومتى تناسى القواعد الأساسية وانشغل بطبقة البياض علي الجدران وترك الأعمدة المسلحة وراح يتجادل في لون الطلاء وخصائصه.. ومتى انشغل بأوراق الشجر وترك الجذور التي تقوم عليها وتمدها بالحياة فحينها تُفلس العلاقات بين البشر.. ومنها العلاقة بين الشعوب والحكومات- وتنكسر جسور الحوار بينهم- وتكون المسبب الرئيسي في إغراء قوى الظلام العظمى باستساغة لحمنا واستباحة أموالنا واسترقاق شعوبنا فكريا وماديا وجسديا– وتَرْكُنا في متاهات من التفرق والتشرذم والتعصب والتطرف- ألعوبة تتحرك وفق أهواءهم ومع ما يتناسب لمخططاتهم , نبدو أقزاما تحوم حول عملاق جبار، يخافون منه حين كان الواجب أن يخاف منهم، يبدو كمحترف، فهو يعرف القانون ويطبقه، ولكنه في خوف من أن تفضحه فرائصه فما يسير على غيره لا يسير عليه فهو فوق القانون- وهم مجرد هواة، منشغلون بالمظهر لا بالجوهر, يقال إذا أردت أن تهزم شعبا يوما ما، فاجعل دائما فُرقة بينها وبين حكامها، واعتقد أن هذا الأمر هو ما يطبق علينا بشكل أساسي، وهي أحد أسباب التخلف والتخبط الذي تعيشه معظم مجتمعاتنا , قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " ما غضب الله على قوم إلا رزقهم الجدل ومنعهم العمل", لا يمكن التصديق أن هناك حُكْم وتوافق مثالي في أي مجتمع , لا بد أن يكون هناك عيوب ونواقص, ولكن وجب أن نطلب الواقعية فيما نتمناه فنحن ما زلنا في الدنيا الناقصة ولسنا في الجنة.



هناك لغات مشتركة بين الكثيرين , "سبب, سبيل,ثمرة ونتيجة" قياس ذلك الموسيقيون ولاعبي الكرة وغيرهم لفهمهم تلك اللغة ورغبتهم في التواصل واختيارهم الأسلوب المؤدي إلى تحقيق الغايات يكون النجاح والفوز في الوصول إلى الأهداف العظمى, فلم لا توجد تلك اللغة بين الشعوب والحكومات؟ ولم أصبحت الصورة النهائية بين الشعب والحكومة تقوم على الندية والعداء وليست المصداقية والتعاون؟ وكيف لنا أن نتجاوز تلك الفجوة الكبرى التي لا التقاء بينهما؟



إذا جعل الشعب شعاره الشجاعة والحكمة والارتقاء فوق أي مراهقة فكرية والانطلاق إلى مشروع يعتمد الإصلاح لا التخوين- فقد وصل إلى منتصف الطريق , فهو لا يطلب العيش على هامش المثالية ولكنه يطالب بالعيش ضمن واقع الحياة والأمان فهذا احد حقوقه والمطالبة بها ليس مُحرما في ظل بلاد مملوءة بالخيرات وأهمها الإنسان الذي يصنع الحياة, وتطويرها وحضارتها منوط بِمَدّ الأيدي والمصافحة, فالفرقة والخلاف تمزق القلوب والصفوف ومنها إلى هدر الكرامة .."والضحية الإنسان", كما أن شعار الحكومة أن لا تنعزل عن الآخرين ولكن تسير وفق منظومة الجماعة , وألا تتعامل بعنترية وهمية, فلا يوجد سلطة مطلقة فان وجدت فهي مفسدة مطلقة (استبدادية), ولكنها محدودة بما يتوافق مع المصلحة العامة وان تعارضت مع المصالح الخاصة, فان لم يكن.. "فالضحية البلاد والعباد", فالأيدي الممدودة من كلا الطرفين في ظل إتباع القواعد والأصول تُوْجِد تلك اللغة المشتركة المنزوية بين الطرفين فهي موجودة بوجود الأمل والسعي والتفاؤل, نعم ..صعبة ولكنها ليست مستحيلة.



فما منا أن يكون هو حراسة الأذن عن كل ما هو مشبوه , وان نلغي كل وجهة نظر تدين الحياة وتحرض على الفتنة- والانشغال بما هو مفيد من بحث وتحليل علمي وعقلي , فالفراغ العدو الأول للإنسان والأخص الشباب- وبهذا الفراغ نبدأ بإلقاء اللوم على ما يحدث من فساد الذي فتحنا له بأنفسنا الأبواب – فأول الطرق إلى الخروج من متاهة من صُنْعِنا هو ليس بِصَدّ تلك الأبواب ولكن الوقوف بمواجهتها والعمل على تحجيم ما نسمع واخذ ما ينفعنا- ولهذا السؤال الذي يُطْرح هو مع من نتعامل ؟ وكيف السبيل للوصول إلى نقطة التقاء؟ فالحكيم في هذا الزمان هو من يشخص الداء بدقة وأمانة ويجدد الدواء ليستأصل الجرثومة العالقة في أفكارنا وأعماقنا والتي تراكم عليها غبار الكثير من الأوساخ التي تعاقبت عليها العصور.



فإذا أردنا الخروج بنهاية جيدة للحياة بلغة مشتركة حكومة وشعبا, وجب العلم والتعليم والفكر الذي ينصب في مصلحة الفرد بداية ومنها يعم للمجتمع ككل, وفتح القنوات المشروعة للمناقشة والعمل لا التعنت والعناد والتمسك بآراء الأهواء المنشغلة بالصغائر, فالأولى إيقاد شمعة أينما كنا لا لعن الظلام,



لنقطع الطريق على كل من يريد بإنساننا ومجتمعنا الشر, ولنغير المعادلة ولنصبح عملاق بقوتنا ولغتنا المشتركة ولتكن قوى الظلام التي استباحت منا الأرض والعِرْض وزرعت الفُرْقة والخِلال والخِلاف فيما بيننا هم الأقزام ولتذهب أجسادهم وذكراهم إلى مزبلة التاريخ.



ربما يقول البعض كلام إنشاء مجرد حبر على ورق وهو كذلك, ولكن هذا الحبر ألا يستحق أن يتوقف الإنسان العاقل أمامه ولو للحظة والتفكر بما هو في مصلحته ومصلحة مجتمعه , سواء المواطن أم المسؤول,فلا يوجد مسمى لمواطن عند الله,فكل راع وكل مسؤول عن رعيته, وما يعتبر إنشاء ورق لدى البعض ما هو إلا من باب الشعور بالمسؤولية لا الأهلية ,فلا بد أن يبزغ النور من نهاية النفق المظلم ولا بد يوما أن تنتهي معاناة شعب .

Enass_natour@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد