مهرجان الأردن .. الرقص على جراح المعدمين

mainThumb

04-07-2010 12:45 PM

هيأتنا الحكومة لنتقبل الأسوأ من جراء الأزمة المالية التي بدأت تعترف بأنها عصفت بنا وأصابت الفقير قبل الغني والمواطن دون المسؤول، وأن الأزمة التي عصفت بنا خاصة وليست عامة إذ أن أزمتنا من ازدياد سطوة الفساد وكثرة الفاسدين الذين ينهبون المال العام دون محاسبة على مدى عقود، فجاءت الحكومة لتصحيح طول الإغضاء عن الفساد والفاسدين من ظهر الفقير المعدم،  وخيول الفساد مازالت مطلقة يلجم كل من اقترب من نقدها حتى. فكان أن وضعت الحكومة حزمة إجراءات من أجل الخروج من هذه الأزمة، وكانت كلها تتجه إلى المواطن كونه هو سبب هذه الأزمة-لأنه صمت- وهو الذي سيدفع الثمن شاء أم أبى،.... لكن السؤال للحكومة لماذا هذا البذخ في مهرجان الأردن ولماذا لا يطاله التقشف؟!.

 

لسنا ضد الثقافة الحقيقية التي ترقى بالسلوك وتهذب الطبع، وتكون نابعة من واقع المجتمع لا مفروضة عليه،... تصور المجتمع وهمومه وتتغلب عليها... وهذا ما أغفله مهرجان الأردن الذي انسلخ عن الأردن وتغرّب على حساب المواطن الذي يئن تحت وطأة الضرائب، ومن باب أولى أن تشعر وزارة الثقافة بالحالة الاقتصادية والوضع المالي للبلد وتضع ما ستنفقه على المهرجان من ملايين في المديونية التي أنست المواطن الفرح والسعادة وجعلته يرقص على جراحه بدل أن يهزج من سعادة.

 

الحكومة التي خشيت أن ينحدر سعر النفط عالميا – وهي التي تبيعنا النفط البلدي بسعر برنت- ففرضت عليه ضريبة حتى لا تفرّج على المواطن وتقصره على دفع فاتورة الفاسدين، ولعل هذه الضريبة ترصد لدفع فاتورة هذا المهرجان الذي سيكلف الحكومة الملايين من جيوب المعدمين ليبرطع بها المتخمون... لماذا تتعاقد وزارة الثقافة مع الملكية لنقل المشاركين ؟ وكم سيكلفون من تذاكر سفر وإقامة في الفنادق على مدار شهر،غير الأجر الذي سيكون خياليا،  كل هذا ونحن بغنى عنه على الأقل لمدة سنتين ريثما يستقر الأمر الاقتصادي، ويخجل الفاسدون من فسادهم أو تتجرأ الحكومة ولو مرة على كف أيديهم عن مقدرات الشعب.

 

لو كانت وزارة الثقافة تشعر مع المواطن المسحوق لجعلت من هذا المهرجان محطة للتضامن مع الحالة العامة، وبدلا من جلب فرق أجنبية للطبقة الأرستقراطية، تعود إلى واقعنا ونبقى في جلدنا وتدعو أهل السامر والدبكات ليقيموا فرحا محليا بامتياز ولا يكلف الوزارة إلا بضعة آلاف، وقد تشارك هذه الفعاليات المحلية بالمجان من أجل دعم الثقافة والمثقف الذي يندغم في مجتمعه ويحسه ويتفاعل معه.

 

لقد تغربنا حتى نسينا أننا عرب ولنا تاريخ ولنا فلكلور وذلك لأن مجموعة تغربت وشاءت أن تفرض رؤيتها على البلد بأكمله، وترقص على جراحنا رقصة غربية غريبة ممجوجة، وتحقق فينا رأي شاعر الأردن المرحوم مصطفى وهبي التل عندما مدح المجتمع الذي اختاره على مجتمعنا الذي تخلى عن أصوله وأصالته وتغرب بشكل خطير ومدح مجتمع الصراحة والصدق  فقال عرار يمتدح تشبث النور بعاداتهم وكيف تخلينا نحن:

     الراقصون على حبال جدودهم          رقصا كرقص الأمس لا يتغير.  



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد