الأكراد بين البناء والحرب

mainThumb

14-10-2007 12:00 AM

كردستان الاقليم السعيد الوحيد في العراق، وسعادته بدأت منذ نهاية اضطهاد نظام صدام عندما كسرت شوكته في حرب تحرير الكويت في عام 91، ومنذ ذلك الوقت والأكراد يعيشون تاريخا جديدا بعيدا عن اضطرابات العراق والمنطقة برمتها. لكن يبدو ان هذا السلام معرض اليوم للكسر بعد ان اعلن الاتراك بشكل صريح، وعلني، عزمهم على الهجوم على الاقليم العراقي الكردي بدعوى ملاحقة المتمردين الأكراد الاتراك، الذين تقول أنقرة انهم يشنون من اقليم كردستان العراقي هجماتهم.
هنا على حكومة اربيل ان تفكر مليا قبل تحدي الجار التركي وتجيب على الاسئلة الرئيسية. هل بامكانها كسب الحرب؟ وبأي ثمن؟ وهل ستناصرها أي قوة؟ وما هي الخيارات الأخرى؟ لا اتخيل ان تتصدى القوات الكردية لقوات نظامية محسوبة على الناتو كالجيش التركي، ولن يجد الاتراك صعوبة في الزحف وتدمير كل ما هو واقف في داخل الاقليم العراقي الحديث بناءه. ولا اتوقع ان يقف أحد الى جانب الاكراد في حال توغل القوات التركية الى اقصى نقطة في العمق الكردي، بما في ذلك الولايات المتحدة التي وقفت دائما الى جانبهم. السبب ان خيارات واشنطن معدومة كون تركيا دولة حليفة، وليست فقط صديقة، وباتت اكثر اهمية في المعادلة السياسية الحالية على ثلاث جبهات ضد ايران، وسورية، والقاعدة. اضافة الى أهميتها كعضو في الناتو. ولا ننسى ان الاتراك يملكون نفس الحجة، محاربة الارهاب، التي يستخدمها الاميركيون. والمعني بالارهابيين هم حزب العمال الكردستاني الذي لم يخف علاقته بالعمليات العسكرية الأخيرة في تركيا.

في المقابل عند أكراد العراق كل الاسباب التي تدفعهم الى التفرغ الى البناء لا الحرب فلماذا تعطي حكومة اربيل الفرصة للاتراك، الذين هم أصلا ضد اقامة حكومة كردية في العراق؟ تحدي تركيا سيعني منحهم الفرصة لضرب الشيء الوحيد الذي نجح في تحقيقه الاكراد في نحو مائة سنة، وهي حكومة تمثلهم في المنطقة، فيها يمارسون حقوقهم الاساسية التي حرموا منها.

وممارسات حزب العمال في تركيا، فيه توريط للحكومة الكردية من دون ان يمنحهم شيئا في تركيا. توريط يتجاوز انقرة. فايران هي الأخرى قامت بقصف كردستان قبل شهر ايضا بنفس الذريعة، وستساند تركيا بكل ما تملك. على حكومة اربيل ان تدرك ان وجودها مرفوض من كثير من حكومات المنطقة لانه يشجع الغير على الانفصال، وان الاقليم العراقي بصيغته شبه المستقلة الحالية محل رفض مكتوم من كل الجيران. وبالتالي سيجد الاتراك كل التأييد الصامت من اجل هدم المشروع الكردي الذي مضى عليه 15 عاما. كردستان اليوم هي الأرض الآمنة الوحيدة في العراق، وفيها قصة نجاح اقتصادية غير عادية، فيها مطاران دوليان يعجان بالحركة مع كل العالم، وفيها تبنى مشاريع زراعية وصناعية وتقنية وتعليمية تؤكد ان الاكراد بالفعل قادرون على البقاء والنجاح ايضا.

خير للحكومة الكردية ان تحني رأسها للعاصفة، وتعامل الاتراك بما يريدونه من منع لأي نشاط معادي لهم بدل العودة للحروب وهدم كل ما بدأوا بنائه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد