خطأ كل رؤساء الحكومات

mainThumb

18-03-2008 12:00 AM

في عام 1980 كان عيزرا وايزمن في أوج مجده ، وزير دفاع يحظى بالشعبية وأحد مهندسي عملية السلام الثلاثة مع مصر وابن بيت مرحب به في معية الرئيس السادات ومحبوباً في نظر قادة العالم ، والاستطلاعات اعطته نسبة عالية والجمهور الاسرائيلي اعتبره وريثاً مؤكداً لرئيس الوزراء مناحيم بيغن.

بيغن كان حينئذ في الحضيض من قوته ومعنوياته ، بعد السلام مع مصر مورست عليه ضغوط هائلة لمواصلة عملية السلام وهو رفض الاعتقاد انهم سيطلبون منه "بيع" يهودا والسامرة بعد ان "باع" سيناء.

وايزمن اطلق على بيغن حينئذ كلمة "المرحوم" واعتقد انه سيرثه بعد عدة ايام قلائل ، وعندما لم يحدث نقل المنصب اليه استقال بصورة متسرعة كما عودنا من منصب وزير الدفاع ، هو فسر استقالته بذريعة تقليص ميزانية الدفاع ، واضاف بأن بيغن لا ينوي تنفيذ فكرة الحكم الذاتي في يهودا والسامرة رغماً عن موقفه هو الذي يدفعه الى ذلك.

وايزمن عرف ان بيغن لا يريد تعيين اريك شارون وزيراً للدفاع واعتقد ان رئيس الوزراء سيواجه وضعاً صعباً ، وان الائتلاف سيتفكك وهو سيعود حينئذ الى رئاسة الوزراء مدعوماً من الجميع ، فقلت له انا ان بيغن سيضطر في هذه الحالة الى تعيين شارون ، وشارون سيشرع في حرب ضد سوريا ، و"مئات الشبان سيموتون عبثا" .

"بببب" ، كرر وايزمن الاصوات الغريبة التي اصدرها من فمه وبعد دقائق معدودات امر سكرتيرته العسكرية "ايلان تهيلا" بإصدار رسالة مصالحة وارسالها الى القدس ، وطلب وايزمن" أعلموا فرويكا (سكرتير بيغن العسكري) ان الرسالة ستصدر" ، وهو اعتقد فعلا ان بيغن سيقضم اظافره ويقف صامتاً الى ان تصل الرسالة الى غايتها ، آه.. لقد نسيت: بعد رفض استمر سنة تقريباً وبعد انتصار آخر في الانتخابات عين بيغن شارون وزيراً للدفاع ، وبعد سنة من ذلك الحين اندلعت الحرب ضد لبنان وسقط فيها مئات الشبان.

رويت هذه الحكاية فقط من اجل اظهار مشكلة: رؤساء حكومات سواء من العمل او من الليكود يكونون على قناعة خلال انتخابهم واكثر من ذلك خلال وجودهم في منصبهم انهم هم وليس غيرهم سينفذون خططهم من البداية وحتى النهاية ، عندما يبتدعون فكرة ما سياسية او امنية او اقتصادية - لا يكون لديهم شك في انهم سيكونون هناك لاخراجها الى حيز التنفيذ ، هم لا يأخذون بالحسبان بالمرة امكانية ان يكون عبء التطبيق والتنفيذ ملقى على كاهل غيرهم ، وعندما يسألونهم بقلق ماذا سيحدث ان ظهرت مشاكل غير متوقعة على الطريق يردون: "لا تقلقوا فأنا هنا وانا سأحل كل المشاكل" ، هم على قناعة ان وجودهم في هذا المنصب سيستمر الى الابد.

اسحاق رابين اخطأ عندما اعتقد انه هو الذي سينفذ اتفاق اوسلو ، واريك شارون اخطأ عندما بدا له انه هو الذي سيواصل مع خطة انابوليس بعد المرحلة الاولى من فك الارتباط ، ومناحيم بيغن اخطأ انه "ان باع"سيناء سيكون الشخص الذي سيمنع التفاوض والبحث في قضية يهودا والسامرة ، ونتنياهو اخطأ ، وباراك اخطأ.

الاستنتاج بسيط: رئيس الوزراء الذي يقترح خطة تترك آثارها لاجيال قادمة ملزم بالتفكير في كيفية تنفيذها من قبل ورثته ان قدر لهم ذلك ، عليه ان يحسب حساب رؤساء الحكومات الآتين من بعده ، والتجربة المحزنة تشير الى ان رؤساء الوزراء الرائعين هم ايضا لا يعيشون للابد ، والتجربة تشير ان الاخرين يضطرون الى حصاد (بالدموع) ما زرعوه (في الجيش الاسرائيلي).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد