وداع جورج بوش لحلفائه

mainThumb

04-04-2008 12:00 AM

يعتبر مؤتمر حلف شمال الاطلسي ، المنعقد في بوخارست ، مؤتمر وداع الرئيس الاميركي بوش لحلفائه. فإذا كان رئيس الولايات المتحدة يريد حقا أن يقدّم محصلة صادقة لأعماله فسيلاحظ أنه يترك حلفا أطلسيا ضعيفا ، على الصعيد العسكري في أفغانستان ، ومنقسما على الصعيد السياسي أمام روسيا الأكثر عدوانية ، روسيا التي ما زالت تتردد كثيرا في ما يتصل بمهامها ، وبنطاق نشاطها ، وبسرّ وجودها ودورها في القرن الواحد والعشرين.

فيما وراء البيانات التي تمجد الحلول الدؤوبة ، ها هي قمة حلف شمال الاطلسي ، التي تواصلت أشغالها يوم الجمعة ، بحوار لا سابق له مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين ، تكشف عن غياب "زعيم" أميركي في العالم ، في نهاية هذه الدورة التي تطبعها الحرب المتواصلة في العراق ، وتطبعها أيضا الازمة الاطلسية التي أثارتها هذه الحرب. انها نتيجة حزينة لرئاسة تنعقد تحت شعار استعمال القوة لصالح ايديولوجيا غازية.

أما في ما يتصل بالعلاقات مع روسيا تحديدا ، فان غياب القيادة غياب جلي وصارخ. فلا شك أن مسألة انضمام أوكرانيا ، وجورجيا ، الى حلف شمال الأطلسي ، خير دليل على ذلك. على الرغم من الحملة المتأخرة التي قام بها الرئيس بوش في هذا الشأن ، فقد طرح كافة الحلفاء ، انقساماتهم علناً أمام الجميع. ان المسألة الجوهرية لا تكمن في معرفة ان كان هذان البلدان يستحقان الانضمام الى حلف شمال الاطلسي ، ام لا يستحقانه - فالاجابة على هذا السؤال بالايجاب طبعا - لكن المسألة مسألة تحديد سياسة متجانسة ازاء روسيا تحديدا. فهل روسيا شريك ، أم عدو ، أم شريك وعدو معا؟. وهل الحلفاء قادرون على اتخاذ موقف مشترك ازاء موسكو؟. فالأمر لا يبدو كذلك ، على أي حال.

المشكلة أن جورج بوش ، لا أحد يصغي الى كلامه ، فهو كمن يضرب في حديد بارد كما يقول المثل ، وهو لم يحالف سوى البولنديين والبلقانيين ، وبعض المقتنعين الآخرين. ولذلك ، وحتى يتسنى الوصول الى حوار جاد في العمق ، فإنه لا بد من انتظار من سيخلف الرئيس بوش في البيت الابيض.

لن يرهن الاوروبيون مستقبلهم ، بالتأكيد. انجيلا ميركل منشغلة تماما بإدارة تحالفها مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي ، وهي تسعى في الوقت الحالي لأن تجتاز مرحلة انتخابات ,2009 أما الرئيس نيكولا ساركوزي فهو ، وان كان يحمل الكثير من التعاطف تجاه جورجيا وأوكرانيا ، فان نظره منصب أساسا على رئاسته للاتحاد الاوروبي ، ولذلك فهو لا يرى أي مصلحة في اثارة شجار جديد مع المستشارة الألمانية. فسوف يحين الوقت الذي سيفتح فيه الرئيس الفرنسي ، الجدل واسعا حول المسائل الحقيقية التي تمس ، مثلا ، الدفاع الاوروبي المشترك ، والتعاون الضروري ما بين الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ، أو أيضا ، السياسة المتعلقة بالطاقة التي يجب اتباعها في أوروبا ، مستقبلا.

قبل ان يغادر المسرح السياسي سيفعل جورج بوش ما استطاع الى فعله سبيلا. فبعد أن ظل لفترة طويلة ، يستفز الكرملن ، بدرعه النووي المضاد للصواريخ ، في بولندا ، وفي الجمهورية التشيكية ، ها هو في النهاية يحسب حسابا للاعتراضات الروسية على هذا الدرع ، ويقترح على موسكو اتفاقا استراتيجيا يحدد مواضيع التعاون الممكنة مستقبلا. ففي هذا الاطار سيلتقي فلادمير بوتين وبوش ، في "سوتشي" ، بروسيا ، بعد قمة حلف شمال الأطلسي ، من أجل بناء وفاق سيكون ، على الأرجح ، وفاقا مصطنعا.

ويبقى أن في هذا الحلف الأطلسي ، المضطرب ، أو بالأحرى المتأزم ، يلقى نبأ استعداد فرنسا للعودة من جديد الى القيادة المشتركة ، كامل الترحيب. ولا شك أن مشاركة فرنسا القوية ، في الجهود المشتركة في أفغانستان ، ستكون هي الخطوة الاولى .
"لوفيغارو"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد