معضلتان امام إسرائيل

mainThumb

31-03-2008 12:00 AM

مرة اخرى تواجه اسرائيل معضلتين - ان تجري ، او لا تجري ، تفاوضا في محاولة حقيقية للتوصل الى اتفاق سياسي؟ واذا كان الامر كذلك فمع من ، مع السلطة الفلسطينية أم مع دمشق؟ في الظاهر ، المعضلة الاولى ليست قائمة ، وفي الظاهر أيضا ، أن اسرائيل شريكة في مسار انابوليس وانها تجري تفاوضا نشيطا مع الفلسطينيين ، بيد أن سلوك الحكومة لا يشهد بنية حقيقية للتقدم في المسار ، نحن نفعل ذلك في الاساس من أجل المسار - الاستجابة للطلبات الامريكية وتهدئة الرأي العام في اسرائيل.

لا شك عندي في أنه يجب على اسرائيل أن تحاول بصدق التوصل الى اتفاق سياسي ، ولست على ثقة بأنه سيكون بالإمكان التوصل الى منتهى الاطمئنان ، لكن بديل عدم الاتفاق اسوأ كثيرا ، من هنا نصل إلى المعضلة الثانية - مع من؟.

قبل أن نوازن بين الفلسطينيين والسوريين من الواجب ان نؤكد ان الطرفين يريدان بصدق اتفاقا يلبي توقعاتهما ، فالفلسطينيون والسوريون يريدون ذلك من موقع ضعف وضائقة داخلية وخارجية شديدة ، فلا توجد جهة عربية مستعدة لعقد اتفاق مع اسرائيل الا لاعتبارات ضائقة داخلية ، وهذه من جهتنا الساعة المناسبة التي لا يجب اضاعتها. وسأكتفي بسؤالين رئيسين: الاول ، أي من الاثنين قادر على توقيع وتطبيق اتفاق يتم التوصل اليه؟ ، اشفق من أن يكون جواب هذا السؤال قاطعا لا لبس فيه - فلا احتمال ان تستطيع القيادة الفلسطينية الحالية ، وفي ظل الشقاق بين القيادة في الضفة الغربية وحماس في القطاع ، والجدل المتوقع بين قيادة الداخل الفلسطينية والقيادة الخارجية ، في الشتات الفلسطيني ، تجنيد تأييد لعقد اتفاق وتطبيقه.

لكن سوريا ليست كذلك ، فنحن لنا تجربة عمرها خمس وثلاثين سنة من الاتفاق على الجبهة السورية ، فهنالك يوجد نظام حكم مستقر ، وقوي قادر على الوفاء بالتزاماته.

والسؤال الثاني حول الربح والخسارة: الثمن الذي سنحتاج لدفعه والانجازات التي نتوقعها. في الساحة الفلسطينية ، سنطلب انهاء النزاع التام ، وفي ذلك انهاء تام للعنف ، واقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل ، والقضاء على التهديد الديمغرافي لهوية اسرائيل اليهودية ، وتهدئة نفوس الاقلية العربية في اسرائيل.

وفيما يتصل بـ "الثمن" ، سيطلب الى اسرائيل ان تجلي اجلاء مؤلما عشرات الالاف من المستوطنين شرقي الحدود التي ستقرر بين الدولتين ، وتقسيم القدس من جديد ، والسماح بالتنقل الفلسطيني بين قطاع غزة والضفة ، وان تسهم اسهاما اقتصاديا ذا شأن في مشروع اعادة تأهيل اللاجئين الفلسطينيين.

وعلاوة على الثمن الذي علينا دفعه للفلسطينيين ، ستندفع اسرائيل الى شقاق سياسي - عقائدي داخلي عميق.

وفي الساحة السورية سنطلب اتفاق سلام يشتمل على وقف تأييد دمشق للمنظمات الارهابية الفلسطينية ، وعلى وقف تأييد سياسة حزب الله المقاتلة ، وقطع العلاقة الحميمة بطهران وتخلي السوريين عن محور الشر. والى ذلك سيأتينا الاتفاق مع سوريا كما يبدو بلبنان ايضا ، ويترك الفلسطينيين ومجال مساومتهم في منزلة مختلفة تماما. وفيما يتصل بالثمن ، سيكون هناك حاجة لانسحاب اسرائيلي تام من هضبة الجولان مع اخلاء جميع المستوطنات التي اقيمت منذ سنين.

وهذا الاخلاء ايضا سيصحبه شقاق داخلي ، بيد أن اخلاء هضبة الجولان سيقتضي اخلاء عدد اقل بكثير مما سيخلى في يهودا والسامرة ، لكن المعنى العقائدي للتنازل عن الجولان لا يشبه التنازل للفلسطينيين.

كلنا أمل ان يوجه هذا التحليل الحكومة في القدس لاتخاذ القرارات ايضا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد