لب النزاع ليس في القدس

mainThumb

14-03-2008 12:00 AM

عضو الكنيست آفي إيتام أعلم أعضاء الكنيست العرب: "سيأتي يوم ونطردكم الى غزة من هذا البيت ومن البيت القومي للشعب اليهودي ايضاً" ، وبعد اكثر من يوم وصل علاء ابو دهيم الفلسطيني المقدسي الى المعهد الديني مركز الحاخام وقتل ثمانية تلاميذ كانوا غارقين في كتبهم وجرح تسعة.

في اليوم التالي عاد ايتام وقال كلماته" خلال زيارة تعزية لعائلتين من عائلات الضحايا المقتولين ربط إيتام اعضاء الكنيست العرب بالعملية في المعهد الديني مدعياً انهم حرضوا على القتل وقال انه سيقدم ضدهم شكوى للمستشار القضائي للحكومة ، فرد عليه عضو الكنيست جمال زحالقة الذي كان أكثر اعضاء الكنيست العرب صُراخاً وبروزاً في ملاحظاته على اقوال ايتام في الكنيست قائلاً "ان اقوال إيتام بالتحديد هي تحريض على القتل وانها تمثل موقف التيار المركزي في السياسة الإسرائيلية".

عند طرح العامل الشعبوي الساعي لارضاء الرأي العام من المشادة التي جرت بين ايتام وزحالقة تبين لنا ان سلسلة الاحداث التي تطرقا اليها في تصريحاتهما تعبر عن اسس الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني التي يجري تجاهلها في العادة.

هذا الوصف مضلل في الواقع لأنه يلقي الضوء فقط على الشريحة الظاهرة من الاحداث وهذا ايضاً يتم بصورة عشوائية: هي لا تشير الى السبب والنتيجة - من ومتى بدأت الدورة الدموية الاخيرة ومن رد عليها وكيف ، هذا اختيار واعْ للامور المطروحة لأنه من الواضح ان دائرة العنف التي شهدها الاسبوع الماضي هي اشتقاق من الموجات السابقة التي تنبع بحد ذاتها من وضع اساسي غير قابل للحل ، وبالرغم من ذلك يجسد تتالي الاحداث الجذور النفسية للمجابهة التي لا يمكن حلحلتها من دون علاج.

آفي ايتام صب غضبه على اعضاء الكنيست العرب لانهم كانوا قبل ذلك بيوم قد شاركوا في مظاهرة سيارات ضد عملية الجيش الاسرائيلي في غزة التي وصفت هناك على انها "محرقة" و "مذبحة" و "جرائم حرب" ، واللافتات التي رفعت في المظاهرة كتب عليها "نازيون صهاينة" واعضاء الكنيست العرب كانوا متحدثين مركزيين في المسيرة الاحتجاجية وايتام اعتبر ذلك خيانة لدولة اسرائيل.

من الناحية الاخرى حتى ان اخذنا بالحسبان المكسب السياسي الذي يحاول اعضاء الكنيست العرب زحالقة والطيبي وبركة تحقيقه ، لا يتوجب التشكيك باصالة وجذرية موقفهم من اجتياحات الجيش الاسرائيلي لغزة: هم يعتبرون ذلك تعبيراً عن العنصرية والطغيان والعجرفة والكراهية الشديدة التي يكنها المواطنون اليهود في اسرائيل وقيادتهم للشعب الفلسطيني.

الاسرائيليون والفلسطينيون لم يتمكنوا خلال قرن من الصراع من تقليص شكوكهم المتبادلة والاراء المسبقة التي يكنونها لبعضهم البعض ، على العكس كلما مرت السنين ازدادت الفجوة وتعاظم الاحباط والرغبة في الانتقام وكلما قلت قدرة كل جانب على تطوير التفهم لضائقة الطرف الآخر ومخاوفه.

قضية لب الصراع ليست القدس وحق العودة والحدود: بل الصورة التي ينظر فيها كل طرف للآخر هي التي تلعب دور المفاعل الذي ينتج الطاقة التي تحرك الصراع وتزيده اشتعالا ، طالما وصف الاسرائيليون في الكتب المدرسية وفي النقاش الفلسطيني كمحتلين أشراراً ونبته غريبة يتوجب اقتلاعها وكمدنسين للمقدسات الاسلامية - لن تكون هناك بداية للمصالحة.

وطالما لم يتحرر الاسرائيليون من الصورة التي يرون فيها الفلسطيني باعتباره قوة مهددة فقط يتوجب (ومن الممكن) القضاء عليه في اية وسيلة لأنه لا يريد التسليم بوجود الدولة الصهيونية - لن تتبلور الظروف المطلوبة لتحقيق التفاهم.

والعمليات الانتقامية والوقائية كتلك التي نفذت مؤخراً لا تخفف من المخاوف والمعتقدات المسبقة المقولبة بين الجانبين وانما تزيد من تعميقها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد