هل يأتي الخير من الشمال؟

mainThumb

23-03-2008 12:00 AM

في الاسابيع الاخيرة ، أدى العدد القليل من القتلى بين جنود الجيش الامريكي الى ميل طفيف في الرأي العام الامريكي ضد اخلاء متسرع ، ولكن الرئيس القادم ، حتى لو كان جون ماكين ، سيسحب من هناك جيشه في اسرع وقت ممكن.

مع غياب القوة الوحيدة التي تربط الاجزاء الثلاثة للدولة ، فانها ستتفكك الى عناصرها الاولية او ستسقط في يد الشيعة الذين يشكلون 60 في المائة من سكانها ، ويجب الافتراض بانه تحت حكم شيعي سيكون العراق تحت سيطرة ايران ، ومنذ الان يخضع الشيعة لتأثير متعاظم من ابناء طائفتهم خلف الحدود.

ووفقا لروح الزمن ، يتبدل العداء سحيق الزمن بين العراقيين العرب والايرانيين من غير العرب في ذوبان العامل الوطني وتعزز الاخوة بين المؤمنين ، والانتخابات للبرلمان الايراني والتي انتهت بهزيمة المحافل المعتدلة نسبيا ، تنبيء بانتصار احمدي نجاد في الانتخابات القادمة للرئاسة ، وعندها سيقف ارهابي متزمت على رأس قوة عظمى نووية تحتك بسوريا وبواسطة عملائها العراقيين الشيعة تكون قريبة على بضع مئات من الكيلومترات من الاردن.

وفي وقت قريب من استكمال هذه المسيرة سيسقط لبنان في يد حزب الله ، ومن بين جملة الطوائف المتنازعة في هذه الدولة الممزقة ، فان للشيعة ولحزب الله على رأسهم يوجد ما يكفي من القوة للقيادة ، وفي نهاية المطاف فانهم سيهزمون الاخرين بقوة السلاح او في صناديق الاقتراع.

الغبي وحده سيؤمن بان الدول العربية السنية ، بدعم من الغرب ، ستمنع هذا السياق ، وهكذا ، ففي منطقة يحرك فيها الدين السياسة ، ستجد سوريا نفسها عالقة بين ذراعين شيعيين ، واسرائيل تتحداها من الجنوب وتركيا من الشمال ، هذه خريطة اللعبة الاستراتيجية الكبرى التي سنشارك فيها في السنوات القليلة القادمة ، وفي هذه اللعبة المعقدة ، التي يشارك فيها عناصر اخرى غير تلك التي ذكرت ، تكمن مخاطر وفرص.

المنطق يقول ان القيادة السورية تتوقع المخاطر المحدقة بها وبحثها عن مفر كفيل بان يجعلها تمسك بيد اسرائيل الممدودة ، المدعومة بالدول الغربية ، هكذا فقط يمكنها أن تحرك اقتصادها الاعرج ، تجدد المعدات المتقادمة للجيش وان تحظى بمظلة دفاعية.

كلما تبدد الامل في اتفاق للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين تتعاظم الحاجة الى انطلاقة دبلوماسية في اتجاه الشمال ، فاتفاق سلام مع سوريا سيحقق لنا منفعة كبرى ، فهو سيضعف جدا المنظمات الفلسطينية وسيحسن وضع السلطة الفلسطينية البائسة ، لا حاجة للقول بان ازالة التهديد من الشمال سيحرر الجيش الاسرائيلي الى المهمات الثقيلة التي يتطلبها التهديد النووي الايراني.

ثمن السلام مع سوريا معروف ، في الماضي لم نتجرأ على دفعه ، خشية ثورة الرأي العام الاسرائيلي ضده ، ويخيل لي أن الامور تغيرت ، وان الجمهور مستعد الان لان يدفع ثمنا بدا في الماضي أثقل من الاحتمال ، الامريكيون يعارضون مصالحة سوريا ، وعلينا أن نقنعهم بازالة اعتراضهم.

اقدر بان الفرضيات آنفة الذكر ينظر فيها دون انقطاع من حكومة اسرائيل ، بل انها تفحص بوسائل سرية ، يحتمل أن تكون أعمال جس النبض هذه تظهر بان المنطق المقدر للقيادة السياسية السورية لا يتناسب مع الواقع وان صورة اسرائيل كوحش مفترس متجذرة جدا لدرجة أنه لن يجدي أي اغراء لتبريد كراهيتها للكيان الصهيوني ، واذا لم يكن الحال هكذا ، واذا كان تردد الحكومة ينبع من مخاوف سياسية داخلية ، فعلى من يعتقد مثلي ان يشد على يدها وان يقول لها: الى الامام سيري في هذا الطريق،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد