الانسحاب الأميركي من العراق

mainThumb

23-03-2008 12:00 AM

بعد مرور خمس سنوات على انتصار الولايات المتحدة في العراق ، لا تجد واشنطن ، نظرا لعدم تمكنها من تحقيق الاستقرار في العراق ، بُداً من أن تتفاوض مع جيران بغداد على انسحابها العسكري ، وفي مقدمتهم على الخصوص ، ألد أعدائها: الايرانيون ، ومن بعدهم السوريون.

بالطبع ، هذه القضية في واشنطن ، مطروحة بشكل آخر. ومع ذلك فليس من قبيل المفارقة أن نرى الاميركيين يضطرون لـ "أقلمة" الم?Zخْرج من الأزمة العراقية ، بعد مرور خمسة أعوام على غزوهم الكاسح لبغداد.

لكن أي انسحاب سريع للقوات الاميركية ستكون له عواقب وخيمة على الشرق الأوسط برمته. إن ايران ، المنتصرة في ما بعد الحرب ، تمارس وصايتها في جنوب العراق ، وعن طريق وسائطها ، على قيادة الفصائل الشيعية التي تهمين على المسرح السياسي منذ العام ,2003

أما تركيا ، من ناحيتها ، فلن تسمح بالمزيد من الممارسات الكردية الانفصالية ، ولن تسمح بأن يضع الأكراد أيديهم على مدينة كركوك البترولية التي يطمعون فيها.

في هذه الحالة ، أو تلك ، سيضع الجيش التركي ، على الأرض ، الخطوط الحمراء التي أعدها السياسيون في أنقرة. أما العربية السعودية فهي لا تريد من القوات الاميركية ، قبل انسحابها ، سوى أن تلوي رقبة القاعدة ، الحركة الاسلامية التي تهدد استقرارها.

من حسن الحظ ، بالنسبة لواشنطن ، أن الفوضى جد عميقة في العراق ، لدرجة أنه ما من بلد مجاور يرغب في أن تنتشر خلايا السرطان في بيته. وهذا ما يمنح الاميركيين ، هامشا من الحركة ، بما في ذلك تجاه ايران تحديدا. ففي غضون خمس سنوات بنت طهران ، في صبر ومثابرة ، قوة ضارة بالعراق ، تجعلها شريكا لا غنى عنه في المفاوضات حول مستقبل عدوها القديم. لكن طهران لا تريد على الخصوص ، أي فوضى في بغداد ، قد تؤدي الى افلات العراق منها كلية. ان أولوية ايران هو تحقيق الأمن للدولة الاسلامية وديمومتها.

وفي ذلك ما يفسر اللقاءات المنتظمة مع ممثلين أميركيين في بغداد ، والتي تمت الجولة الأولى منها في الأسبوع الماضي. إن الايرانيين يأخذون على وكالة الاستخبارات الأميركية على الخصوص ، استغلال تحالفها مع القبائل السنية ، حتى يقوم هؤلاء بهجماتهم ضد أراضيها.

من ناحيتهم ، يتهم الاميركيون ، الايرانيين ، باستئناف تزويدهم الجماعات الشيعية التي تناصبهم العداء ، بالأسلحة. فأيا كانت حقيقة هذه الاتهامات فما من شك في أن العدوّين سيواصلان الحوار. وحتى وان كان اطار هذه المحادثات محصور بالعراق رسميا ، فقد يتسع في الوقت المناسب الى خلافات أخرى (المشروع النووي الايراني ، ودعم حزب الله اللبناني ، مثلا).

ومع بقية جيران العراق ، ثمة حوار جار الآن في اطار الاجتماعات الوزارية المخصصة للأمن الاقليمي. ونجد في قلب هذه المحادثات ملف التعاون السوري ، من أجل الوقاية من تدفق المجاهدين الأجانب نحو العراق. فقد تحسن هذا التعاون منذ بضعة شهور ، ولم يفت دمشق أن تضم لهذا التطور بعض السلوكات ذات الدلالة في اتجاه العراق.

وقد سمح السوريون أيضا ، لبعض الضباط الاميركيين ، بالحضور الى دمشق لمراقبة طلبات التأشيرات المقدمة من بعض اللاجئين العراقيين. ويبقى أن نعرف ، في حال ارتفاع التوتر بشكل مفاجىء ، ان كانت الولايات المتحدة ستتمكن من فصل السوريين عن حلفائهم العراقيين. وهذا أمر مشكوك فيه ، لأن دمشق اعتادت على اللعب بأكثر من نار واحدة.

لكن التحكم في البترول العراقي ، وراء تعقد الملفات الثنائية ، قد يجعل الأمور أكثر تعقيداً. فهل تستطيع واشنطن أن ترخص للإيرانيين باستغلال الحقوق البترولية المشتركة؟.

ففي حال فرض الفيتو ، قد تستمر ايران في تعطيل اقرار قانون النفط المطروح للنقاش في البرلمان العراقي منذ اكثر من عام ، حيث أنه بدون هذا القانون لن يستطيع الاميركيون أن يمارسوا أي نشاط بترولي في العراق. ومن المؤكد ان الولايات المتحدة لا يمكنها مغادرة بلاد ما بين النهرين قبل أن تفك بإحكام معادلة البترول.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد