الخيار الوحيد للنظام السوري في لبنان: خيرالله خيرالله

mainThumb

17-07-2007 12:00 AM

لا يجوز تضييع الأولويات في لبنان. أولى الأولويات حالياً حماية الوطن الصغير وتفادي السقوط في الأفخاخ. في مقدم الأفخاخ استهداف الحكومة التي من دونها فراغ سياسي في لبنان هو ذلك الذي يشتهيه النظام السوري.

ولذلك لم يكن صدفة أن يجمع المسؤولون السوريون، من أكبرهم الى أصغرهم، في اللقاءات التي عقدها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في دمشق على أن المطلوب تشكيل حكومة "وحدة وطنية" في لبنان. انها المعزوفة نفسها التي ترددها كل أدوات النظام السوري في لبنان من الأمين لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى وئام وهاب وصولاً الى الجنرال برتبة مهرج... وذلك الرئيس الممددة ولايته عن طريق الترهيب والارهاب.

تعطي زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية لدمشق فكرة عن الأسباب التي تدعو الى التشاؤم على الصعيد اللبناني في المدى المنظور فقط. هناك نظام سوري يعتقد أن في استطاعته العودة الى لبنان وفرض وصايته عليه عن طريق الارهاب غير مقتنع بأن العالم تغيّر وأن من سمح له بالدخول الى لبنان أخرجه منه. دخل النظام السوري الى لبنان بقرار أميركي اتخذه وزير الخارجية هنري كيسينجر في أوائل العام 1976 وخرج بقرار اتخذه جورج بوش الابن في العام 2004 بمشاركة الرئيس الفرنسي جاك شيراك. كانت هناك حاجة أميركية في العام 1976 الى وضع سوريا يدها على منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت هناك حاجة أميركية الى وضع حد لعمليات خطف الأجانب في لبنان في منتصف الثمانينات من القرن الماضي فسمحت واشنطن بعودة الجيش السوري الى بيروت في العام 1987. وكانت هناك حاجة في العام 1990 الى مشاركة سورية في الحرب الأميركية لانهاء الأحتلال العراقي للكويت. وكوفئ النظام السوري على خوض الحرب جنباً الى جنب مع الأميركيين بأن سمحت له واشنطن ببسط نفوذه على كل لبنان بعد انهاء تمرد ميشال عون الذي كان حليف صدّام. انتفت هذه الحاجة في العام 2004، لم يعد هناك سبب لدى الأميركيين لمسايرة النظام السوري. هناك بكل بساطة توازنات ومعطيات جديدة في الشرق الأوسط. لم تعد هناك حاجة أميركية الى النظام السوري الذي صار مكشوفاً بعدما تبين أن السياسة الوحيدة التي يتقنها هي تصدير الارهاب والابتزاز. كانت هذه السياسة ناجحة أيام الحرب الباردة وفي بداية التسعينات، لكن اللعبة السورية بدأت تتكشف للعالم خصوصاً بعد زوال كل عذر لاستمرار الوجود العسكري في لبنان اثر انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من الجنوب تنفيذاً للقرار الرقم 425 وذلك بشهادة مجلس الأمن الذي أكد أن الدولة اليهودية نفّذت القرار.

يقرأ النظام السوري من كتاب الثمانينات. يعتقد أن الدعوة الى تشكيل حكومة وطنية التي يرددها مع أدواته اللبنانية ستساعد في خلق الفراغ السياسي الذي سيؤمن له العودة الى لبنان. ويظن في الوقت ذاته أن الارهاب الذي تمارسه اجهزته أو التنظيمات التابعة له مثل عصابة "فتح الاسلام" ستجبر المجتمع الدولي على الاستعانة به مجدداً لفرض الأمن في لبنان. يستخف النظام السوري بالمجتمع الدولي المصر على استعادة لبنان سيادته. يستخف خصوصاً بذلك الاجماع الدولي على أمرين الأول اغلاق جبهة جنوب لبنان بواسطة القرار الرقم 1701 والآخر ملاحقة مرتكبي جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه على رأسهم باسل فليحان وكل الجرائم الأخرى. وتبدأ هذه الجرائم بمحاولة اغتيال الوزير مروان حماده وتنتهي باغتيال النائب وليد عيدو مروراً باغتيال سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار أمين الجميّل.

يرفض النظام السوري الاعتراف بالواقع والمتغيرات. انه لا يتجاهل أن العالم تغيّر فحسب، بل يتجاهل أيضاً أن لبنان تغيّر في العمق وأن الرهان على اخافة السنة فيه لم يعد مطروحاً خصوصاً بعد اغتيال رفيق الحريري. هناك الآن، على الرغم من كل ما قيل ويقال على لسان الجهلة أو المغرضين عن شعور مسيحي بالغبن، نواة صلبة سنية ـ مسيحية ـ درزية تدعم الحكومة الشرعية. وهناك بداية وعي شيعي لعدام جواز استمرار عملية الخطف التي يمارسها المحور الايراني ـ السوري لطائفة كريمة تمتلك مصلحة حيوية في وجود لبنان سيد حر مستقل بعيد عن أي نوع من أنواع الوصاية. في النهاية، سيدرك شيعة لبنان عاجلاً أم آجلاً أن لا غنى لهم عن لبنان وعن اللبنانيين الآخرين وعن الشراكة السياسية الحقيقية بين اللبنانيين.

على صخرة الحكومة الشرعية ستتحطم كل المحاولات السورية لايجاد فراغ سياسي في الوطن الصغير، فراغ يعتقد المجرمون أنه سينسف المحكمة الدولية. ولذلك فإن النصيحة الوحيدة التي يمكن توجيهها للنظام السوري، هذا في حال كان حريصاً على سوريا والسوريين ولبنان واللبنانيين، تتلخص بأن عليه التخلي عن الأوهام. عليه التعاطي بندية مع الحكومة اللبنانية ومع فؤاد السنيورة بالذات. ان الفراغ السياسي في لبنان لن يعيده الى لبنان، كما لن تعيده إليه عصابة "فتح الاسلام" وغيرها من العصابات السورية التي تستخدم غطاء فلسطينياً وفلسطين منها براء.

لبنان تغيّر. المنطقة تغيّرت. العالم تغيّر. هناك خيار واحد أمام النظام السوري. إما يتغيّر... أو يتغيّر! إما يغيّر سياسته في لبنان أو يتغيّر، بغض النظر عن كل الدعم الاسرائيلي المتوافر له!.

"المستقبل"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد