بدلة سفاري

mainThumb

20-12-2008 12:00 AM

لكل إنسان نقطة ضعف، أو شيء يخاف منه ويخشى اللقاء به، لأنه يخلق عنده حالة من الرهاب، كالأفاعي وغيرها من الحشرات، وحتى الديدان والصراصير والفئران، لها من يخاف منها ويرهبها.

الرهاب قد يكون ارتبط بالطفل منذ سنواته الأولى، حين كان هذا الشيء حاضرا في موقف مخيف بالنسبة للطفل، شكل لديه حالة من الذعر، كالصراخ والعويل وغيره من الانفعالات الشديدة، وليس بالضرورة يكون من هذا الشيء ضرر.

وقد يكون الرهاب من شكل معين ورائحة ارتبطت في الذهن بموقف معين، وهذا ما حدث لصديق لي! هذا الرجل موظف في سلك التعليم، تراه يمتقع لونه وترتعد فرائصه، إذا رأى رجلا يلبس "بدلة سفاري"! فينتابه الذعر ويشمئز من المنظر، ويزيد أكثر إذا كانت البدلة "سفاري" ويبلغ قلبه الحلقوم إذا كان لونها بني أو رمادي، ويهرب من الموقف إذا انحسر رأس صاحبها عن صلعة لامعة، وقد يغمى عليه إذا كانت قصّة الشوارب قريبة من الفراشة، أو كنست حتى صارت سورا صغيرا على شفا الشفة، ولا يتمالك نفسه، إذا عزز هذه كلها كرش وكان الرجل قصيرا..

بعد طول إلحاح لحل هذا اللغز عند صديقي ، اتضح أن هذا الأمر من مخلفات الطفولة، وبالذات في السنوات الأولى للدراسة، حيث كان المعلم الحازم يلبس "بدلة سفاري"، وكان – الله يسهل عليه- قلعة من النكد لا يرضيه شيء وكان أشد ما يكون نكده وجبروته إذا لبس بدلة سفاري "نص كم" ولمعت صلعته وانكمشت شواربه، وحدث أن صال على الطفل كالزوبعة ومن يومها وهذه الصورة ترهبه.

واستمر خوفه حتى عندما أصبح معلما ! وكان أول اصطدامه بخوفه عندما ذهب إلى التربية ووجد الكثير من البدل تروح وتجيء وتجلس خلف المكاتب ترقبه من فوق النظارات السميكة، وهو صامت يتابع أموره خائفا وجلا لا يناقش أحدا فيما يطلبه، كأنه ذاك الطفل في حضرة تلك الزوبعة!.

أما إذا رآها تتجول في المدرسة، أو تتكدس في "باص" أبيض تتجه للمدرسة يختبئ ولا يظهر إلا بعد انقشاع الغيمة، ويقول لا أحد يستطيع أن يقف في وجه السيل!.

قد تكون بدلة السفاري انحسرت بعض الشيء، ولكن قد نجد عندنا من ترهبه بدلات أخرى، وبدلات ما زالت تمارس رهابها...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد