تعديل وزاريّ .. ابن الوزير وزير !!

mainThumb

15-12-2008 12:00 AM

ابني ( زيد ) لم يجاوز العاشرة من عمره . عمـّدته بمياه عفرا ، وعقـّمت ( صُرّ ته ) بطين البحر الميت ، وأذبت حليبه بماء راحوب ، وعقيـقـتـه رعت وتغذت بعشب حوران ، وحين درج ، قرأت له تاريخنا فحفظه صفحة صفحة .
أحب عوده أبو تايـه ، ونمر العدوان ، وحسين الطراونة ، تماما كما أحب جرش والبتراء . وغنى (عالميجانا ) مع كل من غنى لـ ( ربع الكفاف الحمر) ، وتباهى بلبس الكوفية الحمراء ، وزهى بـأردنيتـه كوالده وجده .
أحب بني كنانة ، كحبه لسفوح البلقاء ، وهضاب الطفيلة ، تسللت لأنساغه قطرات اليرموك ، نديّة صافية كبراءته ، وتشرّبت أوراده وشرايينه ندى الغور وعصائره .
قرأ مجد أجداده من أفواههم وأفعالهم ، فتمثـّل له فراس العجلوني ، ومشهور حديثه ، ووصفي التل ، صروحا شامخة ، ودغدغت غروره أحاديث العربان عن جده كايد المفلح العبيدات .
ظن الشقي أن شيحان أعلى الجبال ، وأن قلعة الكرك أمنع الحصون ، وأن عمان عاصمة العالم وسيدة البلدان . وما خـامره شك يوما أن عرار نابغة العرب ، وأن معان منبع النصر .
ما غفا ( زيد ) بحضني ، إلا على حكايات الصيد في مشاريق المفرق ، ووادي الموجب ، فصوت الحجل والقطا ترويدته الأزلية ، وذكريات جده ،عن باب الواد ، وحي المغاربة ، والكرامة ، أجمل قصص نومه .
ابني زيد أردنيّ حتى العظم ، يحفظ تاريخنا صفحة صفحة ، ويوما بعد يوم ، يتلذذ بترديد أسماء قرانا ، ونواحينا ، وعشائرنا ، وأسماء الوزراء ، ونواب الأمة ، وأسماء مدرسيه ، تماما كما يحفظ همومنا ، وأحلامنا ، وخططنا التنموية ، ومعيقاتها ، وجداولها الزمنية .
تحسّست شعره الناعم ، المنسدل على جبهة حورانية سمراء ، ورحت أرقب عينيه اللامعتين ، وهو يقرأ خبر قرب التعديل الوزاري ، ورحت أدلله وأناغيه : غدا حين تكبر يا ( زيد ) ، ستصبح وزيرا ... وببراءة الأطفال قال : معقول يا ماما أبي ليس وزيرا فكيف سأصبح وزيرا !!! .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد