رسالة مفتوحة الى دولة الرئيس

mainThumb

13-12-2008 12:00 AM

سيدي دولة رئيس الوزراء الاكرم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وكل عام وأنتم بالخير كله وبعد،

إن شعبكم المخلص المتفيئ بظلالكم والمشمول بأياديكم والمتقلب في آلاء الله سبحانه وتعالى، ثم آلاء جلالة الملك عبد الله بن الحسين المعظم ينتظر وبفارغ الصبر النظر في موضوع هذه الرسالة "نحو مجتمع مدرسي مثالي ( تقويم سلوك الطلبة)".

عندما إنحسرت الاسرة الممتدة extended familyحيث كان اكثر من جيل يعيش في نفس البيت وللكبير فيه سلطة، وعندما دخلت الأنثى سوق العمل، وعندما دخلت الخادمة بيوتنا كبيرة المساحة والمعقدة التفاصيل، وعندما إنحسرت الحارات وتجمّع الاطفال في علب مع تلفاز ولعب إلكترونية ، وعندما يقضي الطلاب معظم وقتهم وهم يتبادلون كل شيئ من خلال البلوتوث ويقضون ساعات طويلة أمام شاشات الإنترنت والفضائيات أو لعب كرة القدم، وعندما تراجع دور الاب كموجّه وصاحب سلطة، وعندما إزدادت الدروس الخصوصية لأكثر من سبب، وعندما تفنّن المسوّقون في عرض منتجاتهم، وعندما إزدادت السطحية والشكليات أو المظاهر في المجتمع وتراجع الحكم على الناس بما يملكون من خصال اصيلة، وعندما تصطاد الكفاءات التعليمية من قبل المدارس الخاصة ومدارس الدول المحيطة، وعندما (وبصراحة) لا تقوى الموازنة الحكومية على رفع الرواتب والمزايا للمعلمين، وعندما لا يبادر المغتربون (مهما كانت مستويات دخولهم) بالمساهمة في الكلف التعليمية وقد نهلوا من بئر الوطن حتى درجة الإرتواء!، وعندما تضعف الرقابة والتفتيش من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، وعندما تسير العملية كما في مرافق اخرى على طريقة (دبّـــر حالك)، يكتب مقالات قصيرة حول إيجاد حل سحري لقضية كبيرة 000.

الان دعونا نطلّ من نافذة حب الوطن على واحد من أهم المشاهد وأكثرها حساسية ... سلوك ابناءنا الطلبة 000 . بادئ ذي بدئ يجب الإعتراف أولا وقبل كل شيئ بالضغوط الكثيرة التي يرزح تحتها المعلمون والإداريــون والطلبة على حد سواء .

فالمعلّم والإداري لا يعمل أي منهم وحتى الطالب نفسه ، في معظم الحالات، يمعزل عن ضغط المتطلبات المادية غير المحتمل ، ومعظمنا يعلم بأن هناك حالات كثيرة أماطت اللثام عن وضع مادي لبعض العاملين في سلك التعليم يندى لها الجبين.

بعبارة أخرى البعض منهم لديهم اسر كبيرة العدد لا يتبقى لها كمصروف سوى ما دون 100 دينار لشهر بأكمله (بعد خصم إيجار السكن، ومصاريف الماء والكهرباء والمواصلات والهاتف والطاقة وقسط قرض صغير مأخوذ على أساس الجمعيات البينية لسداد كلف واجبات أو أمور لا داعي لذكرها هنا !) .

و الضغط المادي ينشأ عنه ضغط إجتماعي ومن ثم نفسي خطير وسلوك أخطر.

أما في بيئة المدرسة نفسها، فهناك منغّصات على الجميع (طلاب ومعلمين وإداريين) .

أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر: المعلم الذي يأتي الى ألمدرسة حاملا على كتفيه همومه المادية سالفة الذكر وعناء الوصول الى المدرسة وعناء مناكفة الزملاء والادارة والطلاب و ..... وبما أن الامر كذلك، فإن كل ما سبق ذكره يمزج في سلوكه كعنصر كيميائي اساسي مكوّن له أثناء محاضراته، أي أن مخرجاته لا تكون كما خطط لها.

والداخل أثناء الدرس يصبح خارجا من او عن الطالب عند الامتحان ! 000 نحن دائما نقول :" إن مهمة المدرّس تتجاوز التلقين والتحفيظ للمعلومات الى التربية وتهذيب النفس وبناء شخصية الطالب المتكاملة".

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل بإمكان المعلم تحقيق تلك المهمة على ضوء المعطيات السابقة؟ وعلى ضوء السلوك السلبي المكتسب من قبل الطالب من كافة المصادر (الصحبة ووسائل الاعلام سالفة الذكر و البيت؟)، وندرة الإكتساب الايجابي من البيت لإنشغال الوالدين كل في أمره!!!000 بعد تشخيص الوضع وإلتقاط صورة فورية له، علينا الان كتابة الوصفة بكل ما أوتينا من حب لهذا الوطن الجميل و خبرة وأمانة علمية وعملية وإجتهاد لعل الجرح يبرأ ويتوقف النزيف: نحن ومن على منبرنا هذا، منبر الســــوسنة ، نرجو من دولتكم ، ونحن في نفس الوقت نرفع أكفنا نحو خالق كل شيئ ضارعين لدولتكم بطول العمر وأن يعينكم سبحانه وتعالى على مواصلة تأدية الامانة بنفس الهمة والشفافية والنقاء والعطاء اللا محدود تحسين أوضاع العاملين في القطاع التعليمي وزيادة رواتبهم، وإذا لزم الامر يمكن فرض ضريبة تحت مسمى ضريبة المعلم من جميع الاردنيين في الداخل والخارج.

نحن وصلنا جميعنا الى ما وصلنا اليه من علم من خلال مدارسنا التي كلّفت وتكلّف الحكومات المتعاقبة مئات الملايين من الدنانير000 وفي الوقت نفسه نتمنى على وزارة التربية والتعليم وضع خطة إستراتيجية مهمتها "نحو مجتمع مدرسي أردني مثالي" وأهدافها الاتي:

- رفع رواتب العاملين في القطاع التعليمي بصورة ملموسة

- رفع درجة تأهيل المدرسين بعد إخضاعهم لإمتحان مستوى

- تحسين البنية التحتية والفوقية لمدارس المملكة

- إيجاد برامج مدرسية فعّالة تكون إرشادية علاجية ووقائية لمنع اللجوء الى الضرب أو التأنيب المباشر

– الإبتعاد عن طرق تخويف الطلبة وتهديدهم

- تحصين الطلبة من الكثير من السلوكيات والافكار السلبية، وبإستخدام طرق الإقناع

- غرس القيم المثلى والمبادئ الفاضلة وحب حفظ النظام والتركيز على مفاهيم الرقابة الذاتية في نفوس الطلبة وتعزيز ثقة الطالب بنفسه

- بطريقة تربوية تعديل او القضاء على عدد من السلوكيات السلبية ( الممارسات الخاطئة مثل عدم إحترام الهيئة التعليمية، التدخين، التسرّب من الحصص، الكتابة على الجدران، الفوضى التي يحدثها الطلاب بعد خروج المعلم من الفصل)

– محاربة التقليد الإعمى للسلوك السلبي للزميل (تجدر الإشارة هنا الى انه تكثر السلوكيات غير السليمة لدى الطلبة الذكور

- زيادة التعاون مع دور الإعلام فيما يتعلق بالعملية التربوية في ظل المتغيّرات العالمية الحديثة ووسط غزارة/كثافة حجم المواد الإعلامية المرئية والإلكترونية التي ينفتح عليها مجتمع الطلبة سلبا

- تصميم ووضع ملصقات تتضمن عبارات إفعل / لا تفعل

- تشجيع المجتهدين من الطلبة على أفكارهم ،عطائهم وتفاعلهم وتعاونهم

- العمل على التواصل بين البيت والمدرسة والإستفادة من طاقات الآباء والأمهات والمعلمين أي إيجاد التعاون بين البيت والمدرسة وخصوصا لأولئك الطلبة الذين لديهم صعوبات تعلّم أو لديهم مشكلة إجتماعية تحول دون سلامة التحصيل العلمي السليم

- تشكيل أنشطة غير صفّية من قبل الطلاب مثل الابحاث والندوات والمحاضرات وورش العمل والتي تساهم في تعديل السلوك بصورة غير مباشرة

- تصميم أنشطة ترفيهية متدنية التكاليف

- تخصيص درجات للسلوك يكون لها وزن مهم في تقييم التحصيل العلمي للطالب.

وفي الختام – نضرع إلى الله جلّ وعلا – بقلوب منعمة – أن يحفظ جلالة مولانا الملك المصلح العظيم، وأن يطيل في عمره ويمد في حياته، وأن يوطد دعائم ملكه، وأن يجزيه ويجزيكم عن أمتكم خير ما يجزى به راعياً عن رعيته، وأباً عن بنيه – إنه نعم المولى ونعم النصير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد