حوار مع شيخ فاتحة الكتاب

mainThumb

15-10-2008 12:00 AM

على غير العادة رن هاتفي بعد صلاة الصبح بقليل فنزعت نفسي من حضن نومي وأغلقت باب حلمي الجميل بالثروة لأرد على هاتفي بأسلوب المتثائب قبل سماع صوت الطرف الأخر.

كان الصوت خافتا كهمس عذراء يقول: ( يا ولد ماذا يحل بكم ) فقلت: لقد أصبحت على أبواب الشيخوخة وتقول لي يا ولد ؟ رد ) الم أعلمك أن كل مولود ولد ).ذهلت . فالمفاجئة عقدت لساني بادئ الأمر وصرخت :ألا زلت حيا يا شيخي ؟؟؟ ضحك هازئا وقال : وهل يموت الشهداء يا ولد ؟؟ قلت لابد أنها أضغاث أحلام وأقفلت الخط .

فهذا الشيخ علمني فاتحة الكتاب وكان ينتقم من الشيطان بجلدي على المقعد كلما أخطأت في التشكيل أو أصول التوقف أو المد وأي خطا في أحكام التجويد يمنعني من الجلوس لمدة يوم فاستخف بألم الوقوف على الم الجلوس الناتج عن ( الفلقة ) .

وكان من أكثر الناس إعجابا بالشيخ عودة أبو تايه وصاحب الشيخ القسام وأبو درة وأصيب في ثورة 39 حين استشهد جدي واعتزل بعد معركة القسطل وباع خيوله والتزم الصمت .

رغم انه كان يهوى الجياد البيضاء وينفق على إطعامها و تزيينها نصف مدخوله من تعليم الصبيان وهو في السبعين من عمره معتبرا أن المدارس الحكومية تهدف إلى التجهيل لأنها قدمت مع حملة نابليون بهدف إنشاء بدائل للأزهر الشريف وعارض طباعة المصحف وكان شعاره ( يجب أن يبقى هذا القرآن في الصدور وينتقل من جيل إلى جيل وإذا وضع في قراطيس سيهجره الناس ويتحول إلى قطعة من قطع الزينة توضع في الصالونات وفي المجالس معتبرا أن هذه الحيلة بريطانية المصدر استمرارا لحملة الفرنجة ).. وقبل وفاته بساعات قال كلاما غريبا :قال ( اسمعوا يا أولادي في زمانكم أو الآتي بعدكم ستتحول الأشياء ويتغير لون الأعلام . وسيخرج عليك ألف شيخ نصّاب من مشارق الأرض ومغاربها كلهم يدعون العلم وكلهم يعتقد انه صاحب الحقيقة ومالكها يفتون بغير علم وتسيل على أيديهم وبسببهم دمائكم وترونهم عبر نوافذ تضعونها في بيوتكم تضيء عيونكم وتعمي بصائركم وتخاطب غرائزكم وتنازعكم نسائكم قوامتكم بما ينفقنه على عيالكم من مالهن غير مسامحات وعليكم ناقمات لا يرضين بشيء يخالف ما يطلّ عليهن من هذه النوافذ وأمرهن بأبويكم نافذ وسينتشر بينكم زنى الفكر وهو من العن ضروب الكفر ) أفقت على صوت احد الأطفال يصرخ على درج العمارة " بليلا بلبلوكي ............." ولا زلت انتظر عودة الشيخ ليكمل حلمي الذي سأرويه لكم في الليالي القادمة ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد