لماذا أحب صديقي أمريكا ؟؟

mainThumb

08-10-2008 12:00 AM

ذات ليلة كسرت عادتي في النوم متأخرا . وبحدود الساعة الثالثة صباحا أي بعد مضي ربع ساعة على نومي المبكر اهتز الهاتف قرب سريري .

رفعت السماعة وغلقتها مرة أخرى . فعاد الهاتف يهتز بعنف من جديد مما يؤكد أن المتصل يلح في اتصاله . كان على الطرف الأخر صوت اعرفه جيدا ..صديق ميسور الحال .فقلت اللهم اجعله خير إذا خسر في البورصة فهذا يعني انه بحاجه لبعض النقود التي قد لا أتمكن من توفيرها .

فقلت بلا تردد: من هناك؟؟ مستعيرا هذا التعبير من فيلم الحدود لغوار الطوشة بدل التحية المعتادة . قال :( استيقظ بسرعة يا رجل وكن عندي بأسرع وقت لا تتأخر) قلت : ما الذي يدفعك للاتصال بي في هذا الوقت ؟؟ قال : ( طار النوم من عيني وأنت دون غيرك سبب ذلك ).

ساعتها أيقنت انه طار نومه مع نقوده رغم أني لم انصحه بأي استثمار!. فقلت بتعجل : هل طارت نقودك في البورصة ؟؟ رد ضاحكا : (فال الله ولا فالك .. النوم طار من عيني من الفرح ولابد أن تشاركني فرحتي) فقلت : يا أخي حرام عليك اتركني مع هيفائي الناعمة .

فقد قيدت طاردة أحلامي وانتزعت منها (فيش) الطاقة حتى لا تعزف لي أنشودتها المعتادة . شعرت بحلقه يخرج من سماعة الهاتف ليصرخ في أذني: ( اترك وسادتك الحريرية (يقصد هيفائي الناعمة ) أما طاردة أحلامك فانا انوب عنها ( يقصد ساعة المنبه ) هيا أسرع بركوب حمارك( الخدر) ( نسبة إلى بلادة وبطء تحرك سيارتي التي لم أسدد أقساطها بعد ) رغم أنها مصابة بالتواء في هيكلها العظمي وحافية القدمين لعجز ميزانيتي عن شراء إطارين جديدين فاضطر لقيادتها ببطء السلحفاة وابقي يدي متينتين على لجامها خوفا من سقوط احد أطرافها في حفر الشوارع وأجلكم الله البواليع التي تفيض صيفا وشتاء فقط فلا أميز إن كانت بغطاء أو بدون غطاء ولأن نظاراتها متسخة دائما وزجاجها كثير الشقوق بسبب تطاير الحجارة من سيارات نقل الطمم التي تمر بجانبي مسرعة كأنها في سباق مع الحوادث .

فابقي ملتزما بقواعد السلامة المهم اني أتقن فن القفز( بحماري الخدر) بين الحفر والمطبات واهزأ بخيول غيري غير القادرة على القفز خصوصا إذا كان السائق زائر جديد للحي .

فقررت أن افتتح متجرا لبيع قطع غيار السيارات (كفات ...بيضات .. صنوبر صات . الخ )ولا زلت ابحث عن تمويل لهذه المغامرة .رغم نصيحة صديقي بأنه مشروع فاشل كون جميع أصحاب السيارات في الحي تمرسوا وأتقنوا القفز وتفادي الحفر ولا يقع فيها إلا الزوار القادمين في الأعياد والمناسبات .

وأثناء حديثه الذي انشغلت عنه بأفكاري قال كلمة أفاقتني .( قلت لك أسرع هل أنت من هواة الفقر ؟؟) بلا تردد سمعت نفسي أقول : سأكون عندك حالا .

وأغلقت الهاتف . لا ادري كيف وضعت الملح بدل السكر في قهوتي ولماذا أضفت مسحوق الفلفل الأسود معتقدا اني اصنع لنفسي فطورا المهم ألقيت بفنجاني أرضا وأشعلت سيجارة أحسست أنها متآمرة مع فنجان القهوة على إغاظتي فرشقت وجهي ببضع صفعات من الماء البارد وتركت باب البراد مفتوحا لا ادري لماذا .!! ولم أتذكر أني لم البس قميصي إلا عند وصولي بيت صاحبي وحمدت الله اني تذكرت لبس السروال قبل خروجي وما أن فتح لي صديقي الباب حتى انهار ضاحكا .

وقال ""يا أخي نحن بلا نساء (نتبهدل) , الله يرد زوجتك من العمرة سالمة " فقلت : ما لذي يضحكك فامسك بيدي لاقف أمام المرآة فإذا أنا بقميص بيجامة وشوورت (وجورب في الرجل اليمين مع فردة حذاء والأخرى بلا جورب وحذاء من لون آخر) سارعت بالقول : دعك من شكلي واخبرني لماذا تريدني على عجل في هذا الوقت ؟؟ قال : ( لأخبرك أني مغادر بعد غد إلى أمريكا ولولا شروط الفيزا لطارت أموالي وذهب زوجتي وثمن الأرض في البورصة .

فقد سحبتها قبل شهر للحصول على كشف مالي وكنت انوي إعادتها في البورصة غدا . تصور كم أنا محظوظ ؟؟؟ ) قلت: هذه المرة سلمت لكن أرجوك اسمع نصيحتي ولا تقترب من هذه الشركات في المستقبل .

قال : على كل حال بعد كم سنة ستأتي شركات بأفكار جديدة تستغل بؤسنا وجشعنا وسأكون بعيدا .. أما أنت ستحتاج لنصيحتك هذه . فقلت: لماذا أنا السبب في طرد نومك ؟؟ قال (هل تذكر فعلتك قبل عشرين سنة خلت ؟ حين كنا نتشارك الغرفة وهموم الغربة .

الم توقظني في مثل هذه الساعة بإشعال الشمع بين أصابع أقدامي لتقول لي " سنة حلوة يا صديقي" اليوم هو عيد ميلادي وسأغادر إلى أمريكا فتفتحت كل ذكريات الغربة ومن بين كل الذكريات بقيت هذه الحادثة راسخة ..فأنت الصديق الوحيد الذي لا يمكن أن أنساه يوم عيد ميلادي ..) قلت لحسن الحظ أن الذكريات لا تحتاج إلى حقائب وإلا لما كان لدينا متسع في بيوتنا التي نسكنها ؟ وضحكنا ونحن نستعيد أيام شقاوتنا منذ المرحلة الثانوية .. صعق صديقي حين سمعني أقول : ولكن أمريكا تتعرض لهزة عنيفة في اقتصادها ..قال : (ادعوا الله أن تتعافى وإلا فلن تجد رغيف خبزك في اليوم التالي . حضّر نفسك لتلحق بي إلى ارض الفرص). تدحرجت دمعة بعد تردد في عيني وقلت : لماذا وصلنا إلى هذه الحال ؟هل نسيت .......................؟؟؟؟؟؟؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد