من أم عمار * (جارة الفلاحة الهبلى ) : لمن يهمه الأمر

mainThumb

24-09-2008 12:00 AM

حين كانوا (....) يحلمون بالقصور والعطور ، كنت أحلم لأطفالي بلقيمات الفطور والسحور ، وحين كانت الجارات يتحدثن بالجواهر والثياب ، كنت أحلم بالستر والثواب ، وحين كانت سيارات أزواجهن بألوانها وأشكالها (وزواميرها) ، تعود حاملة محمّلة ، كان أبو عمار ـــ نصيبي في الدنيا ــ يعود حاملا غبار الوطن على جبينه ، وألم مساكين الوطن في مفاصله وركبه ، وعزم الكادحين الصابرين في ساعديه . لم يكن أبو عمار رئيسا لمفوضية ، وما كنت أنا إلا مجرد أم عمار ، الفلاحة البسيطة ، لم يكن زوجي رئيسا لجامعة ، ما كان الا مجرد عامل بسيط ، أو قطا كقطط الوطن يلتقط رزقه بين الأزقة والحواري ، تتساقط حبات العرق عن جبينه ، كما تتساقط الدولارات في جيوبهم ( هم أنتم تعرفونهم )، كان جوادا ، سخيا ، معطاء ، في جوعه ، وألمه ، وعرقه ، يروي به ثرى وطنا أحبه ، دون أن يبادله أهل الوطن الحب بحب .
وكم كنت أنا ، ــ زوجة أبو عمار العامل البسيط ــ ، طموحة طامعة ، تجاوزت بطمعي وطموحي ، قدري ، وقفزت عن فقري، وعوزي . وحلمت ....... كغيري من الفقراء الحالمين ، ..... حلمت بعلبة ألوان وكراس لعمار ، يرسم على وريقاته سيارة ، يلونها بأصابع أنحلتها الحاجة ؛ سيارة كسيارات أبنائهم . فغامرت ، وأقنعت زوجي المسكين بالاقتراض من البنك ، لأستثمر كغيري من خلق الله ، ببضعة مئات من الدنانير، في بورصة الأحلام ، ممنيا نفسي وعمار وإخوانه ، بملابس عيد انتظرناه ، بأمل ضاع ، وطموح وأمنيات أجهضت ، وأحلام سالت من عيوننا دموعا ، وفي قلوبنا ألما وحسرة ، حين حلت الكارثة التي ساهمت حكومتنا الرشيدة في تخليقها .
إلى من يهمه الأمر : من يعيد لام عمار حلمها في علبة ألوان وكراس ؟ ليرسم ابنها سيارة ، يلونها بألوان سيارات ابن رئيس مفوضية ، أو ابن رئيس جامعة .

* أم عمار شخصية حقيقية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد