فاسدون بلا حدود، فاسدون بلا أصول!

mainThumb

14-09-2008 12:00 AM

يقاتل عدد من الكتاب الآن في سبيل حماية الفساد. يجترحون الحجج والمبررات والهجومات المضادة والتهم المعلبة والطازجة، لكي يجذبوا الأنظار والاهتمام عن بعض مراكز الفساد التي فاحت رائحتها.

بل وربما هم مستعدون لدفع ثمن غال من مصداقياتهم وأخلاقياتهم لأجل تلك الغاية النبيلة! وأكثر من ذلك، هم مستعدون لتقسيم المجتمع أيضاً! يقولون: يتم مهاجمة البعض حسب اصوله.

وكان الأولى بهؤلاء القائلين أن يتذكروا أن الفاسد فاسد مهما كان أصله، وأنه من المعيب أن ينتسب هذا الفاسد لفلسطين كما هو من المعيب أن ينتسب إلى الأردن. هل يجب أن تدافع عنه لأصله الفلسطيني؟ ثم إن تخاذل جهة ما، وغضها الطرف عن فاسد من أصل أردني لا يعطي المبرر لأي كان أن يدافع عن فاسد من أصل آخر.

هل إذا أفسدت يدي اليمنى عيني اليسرى أسمح ليدي اليسرى أن تفسد عيني اليمنى؟ كان الأولى بهؤلاء المحتجين أن يمتلكوا الشجاعة وأن يتولوا بأنفسهم الهجوم على ذلك الفاسد من أصل أردني بدلاً من انتظار غيرهم ليهاجمه.

أوليس الأردن وطنهم؟ أوليس له عليهم حق تنظيفه من الناهبين؟ أم أن سهولة إثارة النعرات جعلتها لعبة مستساغة؟ يقولون: هي حملة مفتعلة ضد الفساد. ويقولون: حملة انتقائية. ويقولون صراع بين النخب. ويتناسون السؤال الأساسي: من هم الذين يسقطون في هذه الحملة؟ هل هم أشخاص أبرياء أم أسماء زكمت رائحتها الأنوف؟ أوليس الأولى أن نستغل هذه الفرصة التي أتاحت الوصول بالنقد إلى كل المستويات! فليتصارع أبناء النخب كما يشاؤون، ولتكن هذه مناسبة لرفع سقفنا كشعب، ولتكن مناسبة لترسيخ ثقافة في هذا الاتجاه، تتسع لتكسر حدود الانتقائية والافتعال والنخبوية.

يقولون: اغتيال للشخصية. وهم في الواقع يلتفون ويدورون ويتذاكون ويحاولون طرح فكرتهم بطريقة ملتوية، وهي تتمحور حول منح الحصانة. لا حصانة تحت سقف القانون. والقانون وحده والقضاء وحده سيكشف لاحقاً إن كان المتهم بريئاً أم لا.

والرأي العام في أي ديموقراطية في العالم يمتلك أن يطرح تساؤلات، وتشكيكات، وحتى اتهامات. وإذا ثبتت جدية تلك التساؤلات والتشكيكات والاتهامات فإن القضاء هو صاحب الكلمة الفصل عندئذ.

يقولون: هي معركة بين فلان وفلان . ويلمحون طبعاً إلى أصول فلان وعلان ، أما ما لا يقولونه فهو أن الفساد أصله من فساد آلية صناعة القرار وتوزيع السلطة، وفساد آليات المراقبة.

عدم وجود آليات مشاركة شعبية حقيقية في التعيينات العليا، في الديوان والحكومة، يترك المجال واسعاً لتوازنات وتحالفات ورشوات منصبية للمناطق والمنابت والأصول، ومراكز قوى، وحكومات ظل تتغول على حكومات العلن، والتي هي أيضاً ليست بمنأى عن الفساد، وإن بدرجات أقل. في ظل احتكار السلطة: فاسدون بلا حدود، فاسدون بلا أصول...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد