من احتلال العراق إلى دعوات التغير في المنطقة العربية

mainThumb

18-09-2008 12:00 AM

كانت مخاطر التهديد العدواني لسياسات الهيمنة الأمريكية ومخاطر التهديد الصهيوني على بلادنا من وقائع التمهيد للتقارب بين ذوي المنطلقات المتباينة من المواطنين الحريصين على لذود عن أوطانهم وشعوبهم وثقافاتهم وكانت القدس وفلسطين ووقائع ما يحدث فيهما وانتفاضات الشعوب من اجل تحريرها هو من عوامل التوحيد في المواقف والتقريب في الأهداف والتفاهم في الأفكار ومن هنا فاقت إضرار هذه التحولات على الوطن العربي ، وأصبحت المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط تحت الهيمنة المباشرة للامبريالية الأمريكية، مما يجعل هامش الاستقلالية في بناء العلاقات الدولية بجميع فروعها محدودا إن لم يكن معدوما في ظل هيمنة القطب الواحد لمرحلة انتقالية قد تطول ريثما تتبلور الأقطاب الاقتصادية والعسكرية الصاعدة.

إن الجامعة العربية كمرآة عاكسة للتفاعلات العربية لا تتحمل وحدها مسؤولية الفشل أو العجز عن إخراج قوات الاحتلال الأمريكية من العراق، لأنها في ذلك تتساوى مع مؤسسات أخرى دولية أكثر قوة وتماسكا كالأمم المتحدة، ولكنها فشلت في السيطرة على الملف العراقي ولم تنجح في منع الحرب والعدوان على العراق، لذلك نجد إن احتلال العراق شكل تحدياً لكل العرب ولكل مفاهيم وسياسات العمل العربي المشترك اقتصاديا وسياسياً وأمنياً، وبصفة خاصة نظام الأمن الجماعي العربي الذي بلورته اتفاقية التعاون الاقتصادي والأمن العربي المشترك لعام 1950، والذي يتطلب تطبيقه إعمال البنود الاقتصادية أولا وصولا إلى سوق عربية مشتركة، وتفعيل المؤسسات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاقية كاللجنة العسكرية العربية والتدريبات المشتركة ووضع الخطط العسكرية اللازمة، لذلك نجد أن الحرب واحتلال العراق يطرحان تحديات كبيرة على الأمن العربي عامة وعلى أمن بعض الدول العربية خاصة، مثل سوريا ولبنان اللتين تتعرضان لضغوط أمريكية وإسرائيلية مباشرة وسافرة.

من أجل تدمير معظم الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية والعلمية ناهيك عن الخسائر البشرية التي تتكبدها الأمة العربية منذ العدوان الأمريكي عليها وتدمير العراق بكل مقوماته الوطنية مستغلة أخطاء ومغامرات القيادة العراقية والحسابات الإقليمية الضيقة لبعض الأنظمة العربية لينفذ الضربة الموجهة إلى الأمة العربية كلها تعد تحطيم جميع القدرات العراقية والتهيئة لتحجيم القدرات العربية الأخرى الموجودة والمحتملة والسيطرة على الثروات العربية واحتلالها.

إن الحرب كشفت الحاجة إلى ضرورة أن يكون هناك قدر من التنسيق المؤسسي بين العالم العربي ككل وبين القوة الإقليمية المحيطة بالدول العربية –دون إسرائيل- والتي لا تتصادم سياساتها مع المصالح العربية نفسها بل يمكن إن تشكل إضافة لحماية تلك المصالح وفي المقدمة كل من تركيا وإيران.

ومن هنا نجد إن مطالب العالم العربي هي مساعدة الشعب العراقي والفلسطيني لإنهاء الاحتلال بأسرع وقت ممكن وإقامة الدولة الفلسطينية وتشكيل حكومة عراقية تحظى بقبول شرعية العراقيين أنفسهم، وبحماية الدولة العراقية الموحدة إقليميا وغير القابلة للاختراق من قبل القوى الإقليمية أو الدولية المختلفة ومن التحديات الرئيسة إمام العرب أيضا تحدي الوحدة أو التكامل كحد أدنى لتحقيق طموحات الجماهير المطالبة بالوحدة الشاملة الكاملة، التي لم تعد مجرد شعار يرفع بل أصبحت ضرورة راهنة كأحد خيارين الوحدة أو العبودية، إذن الوحدة أصبحت ضرورة راهنة بل لا بد من الاعتراف بضرورة الانتقال من واقع الدولة القطرية نحو التكامل والتنسيق أو الاندماج الفيدرالي أو الكون فدرالي حسب تطور المسيرة الوحدوية وحسب درجة تطور المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي، وذلك من خلال تغير نظام العضوية وجعله ذا مستويين الأعضاء كاملي العضوية وهم الدول العربية ذات السيادة والاستقلال الكامل، وعضوية مراقبين من الدول الإقليمية والتي تؤدي إلى تعظيم المصالح العربية مع هذه البلدان، لا سيما التي تتداخل مصلحياً وجغرافياً مع بعض او كل الدول العربية، من خلال اتخاذ عدد من القرارات في مؤتمرات القمة العربية المقبلة التي تعكس حساسية عربية للتكيف والمواءمة مع المتغيرات الدولية والإقليمية الجديدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد