ثقافة وناس

mainThumb

18-09-2008 12:00 AM

في يوم وأنا ذاهب إلى مقر صحيفة لنشر مقالة لي كنت قد وعدتهم بها
استقلت الباص وانتظرت قرابة الساعة على الموقف الذي هو أصلا
مخالف للثقافة المرورية..لكن ليس هناك أي موقف أخر كي يأتي إليه الباص
وأخيرا أتى الباص وأنا انظر إليه من بعيد وأراه مكتظ بالحبايب
الذين عليه تدحرج والتعلق ما بينهم كي أجد لنفسي ما بينهم زاوية أو ركن أقف فيه
فسألني السائق ايش ايش يا عمي وين طريقك..أجبت على طريق الجامعة يا حج
فقال طيب ادحش حالك لجوه.
. ووسعوا الطريق يا إخوان بلاش نتخالف..؟؟؟!!
وقفت بجانب سيد يلبس بدله فخمة ويبدو عليه سمات المثقفين والأدباء
نظرت أليه فنظر إليه و ابتسم..وكأنه يقول ايش يا أستاذ نحنا زملاء
بكار واحد..وبجانب صديقنا المثقف..شاب في مقتبل العمر
يدعى حسن : يعمل حسن مراسل لأحد المكاتب قرب الجامعة الأردنية
ولحب الفضول سالت حسن ايش تدرس يا حسن..وكل ضني انه ذاهب إلى الجامعة
فبتسم ابتسامة ورائها حزن شديد وغضب لماذا فتحت عليه مواجع الزمن
وقال أستاذ أنا ما بدرس..أنا بشتغل مراسل..بمكتب طيران
حينها نظر المثقف أبو مالك..إلى حسن وكأنه اشمئز منه فراح يبعد أفخاذه عنه
لأنه يخاف أن ينزل مستواه الاجتماعي ما بين المثقفين الفارغين
حسن أنحرج من ما فعله..أبو مالك...فسالت أبو مالك وأنت ما عملك
فأجاب و هو نافخ ريشه كالطاووس أنا كاتب وصحفي كبير
اسمي فلان الفلاني ألا تعرفني..وهو ينظر من حوله متباهيا بنفسيه الفارغة
بدأ الركاب ينزلون واحد تلو الأخر..في موقف بعد موقف
فأخذنا الحديث حتى وصلنا إلى الفن بشكل عام
من الموسيقى والشعر والقصص ..والكتابة والمسرح...
هاهنا ستكون لعبة المثقف الجامعي أبو مالك بالطبع..لكن ما حصل هو العكس
بدء الحديث أبو مالك ..وقال : في هذا الزمن الجيل الجديد ليس له أذن موسيقية أو نظرة لنص مسرحي جميل ومتكامل..هذا الجيل هو للسرعة يفتح أفواه
وللتكنولوجيا يشرع أبوابه....ويهجر المسرح وساحات الأمسيات الشعرية و الخ..
وبدء يحمر وجه أبو مالك من شدة تعصبه و وغضبه وكبته ولا ادري لماذا..
فقال هنا وكله انفعال..هذا جيل الواوا اح..والنص نص....والكيفو مش عم شوفوه
وكأنه يحفظ هذه الكلمات عن ظهر قلب....فنظر إليه حسن وكأنه يريد إجابة
ابتسم حسن وهو خجل من الرجل..ولان الناس انتبهوا و منهم من كان يود لو أنه يشاركنا..وكان الحافلة أصبح برنامج إذاعية..مابين الأجيال والثقافة والناس
رد عليه بكل هدوء حسن قائلا أستاذي العزيز
" نحن ما نسمع هيك أشياء "
صحيح جيلنا سريع و يحب التطور والتكنولوجيا بس هذا ما يعني انو إحنا ما نفهم" ..
نحن جيل قررنا أن يكون مصيرنا بأيدينا..نحن نسمع لهيفاء أو لي نانسي والخ..
من المطربين أو المطربات..والموسيقيين والأغاني والقصائد..
هناك ما يعجبنا وهناك ما لا يعجبنا...مثلا أنا كل يوم أن لم اسمع أم كلثوم لا اعرف أن أنام....ولي مجموعة أصدقاء لا تحلوا ليلتهم أن لم يستمعوا إلى فريد الأطرش أو عبدا لحليم ..و الخ
من أمثال هؤلاء المطربين العمالقة..فكيف تأتي أنت وتدعي بأننا شباب فاشل..لا نستطيع التميز ما بين الفن والفن التجاري..
وكان جواب حسن مدهشا نظرا لعمله مراسل لحد المكاتب..
سكت الجميع غير ناطقين أبدا ..حتى بعضهم يحبس أنفاسه من شدة الفرح
الذي اعتراهم حينما قال حسن هذا الرد على المثقف أبو مالك..
وكأنهم اختاروا حسن رئيس جمعيتهم التي تمنح الحق للعاملين الغير جامعيين
ليدافع عن حقوقه وحقوق ألاف الذين يعملون بعدة مجالات مختلفة....
هدوء تام ساد الحافلة التي تحمل 50 شخصا على الكراسي باستثناء الواقفين..
حتى رنة هاتفه أبو مالك.....ونغم للحاضرين..عم تطلع بالنسوان شو بدك منهم قلي..
لحظة فيها يصب صديقنا المثقف أبو مالك..كل عرقه على بدلته الجديدة..
وكأنه كان في عز الشتاء تحت المطر..من شدة الإحراج بعد ما كان له موقف
من بعض الأغاني والكلمات والموسيقى...فها هو ألان يطلب النزول عند اقرب موقف....لعدم قدرته على البقاء في هذا الموقف الحرج..
بعدما كان له من الجيل الحالي نظره بأنه غير مبالي وغير مثقف وشمل الكل..
أصدقائي....ثقافات الإنسان هي ليست بالمدارس أو في الجامعات فقط..
ثقافة الإنسان هي شي داخلي وعقلي للإنسان....فان أراد أن يفهم الأشياء فهمها..
و إن أراد أن يتحاشاها فمن أين سيفهم.....
عدة حالات تمنع الشعوب من التثقيف العقلاني ..
أن كان بالأدب..أو بشيء أخر.........

لن نطيل عليكم..و سنعود قريبا بشكل جديد وثقافة جديدة


انتظرونا.....
ولكن في الموقف الصحيح..وليس المخالف



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد