رمضان جديد يحل علينا ولسنا بأفضل حال

mainThumb

29-08-2009 12:00 AM

يحل علينا رمضان ولسنا بأفضل حال، إذ لم تعد تحدياتنا كما كانت، بل أشد بأسا، يمر علينا والفقر وقلة ذات اليد يزيدان في مجتمع كان يرفع وما زال راية التراحم وإغاثة الملهوف والوقوف مع الضعيف، بيد أن تلك التحديات وحقيقة ما يفرضه الواقع أخذا ينهشان في أساسيات مجتمع وكيانه، و لا أدري هل ستفلحان في النيل منه.

تطل علينا تقارير دولية وأخرى عربية متشحة بالسواد حيال واقع اجتماعي اقتصادي متراجع في الأردن، وحينما نقوم بقراءة ما وصلت إليه نتائج تلك التقارير المحايدة حيال ظاهرتيّ الفقر والبطالة، فإن ذلك يعطينا تبريرات لأحداث ناتجة عن احتقان يُفضي لمزيد من التراجع الاجتماعي، وهو ما يتطلب منا الاعتراف بحجم تلك المشكلة للمضي قدما في البحث عن حلول تضمن استئصالها، عوضا عن إبراز نجاحاتنا في مقاومة سرطان فقر لا نعرف حقيقة انتشاره ومدى تغلغله .

رحم الله الحسين الباني وأدام عز عبدلله الثااني، إذ لم يتنازلا يوما عن وضع أولوية محاربة الفقر والبطالة على رأس هرم توجيهاتهم للحكومات المتعاقبة، بيد أن تلك الأخيرة التي تعهدت في برامجها الاقتصادية في اجتثاث هذه الظواهر، لم تشمر ساعديها بما يكفي لإيجاد حلول حقيقية لها، بل أن بعضها كان يتشدق بتبنيه برامج زادت تكاليفها عن العوائد المرجوة من وراء تبنيها.

لا أدري هل نصدق التقارير التي تصف حالا اقتصاديا متراجعا مترهلا كانت بعض مدخلاته نتاج غياب المساواة والشفافية والعدالة في الفرص والتطبيق، أم نرضخ لتصريحات مسؤولين ولدوا من رحم بيئتنا ويتحدثون على منجزاتهم في تحسين مؤشرات الفقر والبطالة، أم نصدق حال أبنائنا وأشقائنا الذين نلمس مقدار تراجع أحوالهم عاما بعد عام.

ما نراه ونسمعه في الآونة الأخيرة من مواجهات شبابية ذات غطاء عشائري، لم تكن لتعني بأي حال من الأحوال خلع هؤلاء الشبان لرداء ما استقوه من نهل جامعات كنا نفاخر في تقدمّها ليلبسوا آخر ذا مظهر قبلي وعشائري، إنما يترجم ذلك حالة الإحباط التي تسللت لنفوس جيل كان يُعلق آمالا على مستقبل مزدهر، مستمسكا بقشة وعود حكومات متوالية، لم تترك خلفها ما يستحق أن يذكر من مناقب.

لا ينبغي على الحكومات المتوالية أن تترك بعض المسائل الأساسية لتتفاقم، ويتحول التعبير عنها على هيئة مواجهات تتخلل وتتبع مباراة جماهيرية في كرة القدم، أو أن تُحيل أسباب مشاجرات جماعية في جامعاتنا ومعاهدنا إلى اختلافات شبابية طائشة، كما لا ينبغي لها أن تبرر صراع البعض واختلافهم على موافق النقل العام باعتباره شكلا متجذراً من أشكال عدم النظامية المتأصلة في الثقافة العربية الحديثة.

ويترافق ذلك أيضا مع تخلّي حكومات عن دورها في خلق قطاع زراعي حقيقي، ففيما أكد جلالة الملك عبد الله الثاني أن العام الحالي مخصص لرفع شأن الزراعة، فإن الممارسات التي نشهدها على الأرض والتي تعد انعكاسا لتطبيق الحكومة، لا تمنح أي إيحاء حيال جدية في متابعة هذا الشأن، و لربما سيكون التبرير السهل والجاهز للنكوص عن ذلك بأن نقص المياه وقلة العائد المالي والتغيرات المناخية حول العالم، هي من تسببت في هذا التأخير.

نأمل أن يوافينا رمضان المقبل ونحن بحال أفضل، نقارب الواقع ونبتعد عن إيجاد التبريرات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد