مرجعية النجف ومرجعية واشنطن - هادي جلو مرعي

mainThumb

23-09-2014 03:45 PM

نجح صدام حسين في تقييد حرية المرجعيات الدينية بقسوة متناهية منذ إعدام المرجع محمد باقر الصدر الذي قاد ثورة دينية تغييرية ساهمت الى حد بعيد في تنشيط الحراك الديني الشيعي الذي لم ينته حتى سقوط نظام صدام 2003 ليبدأ من جديد بشكل مختلف. قتل صدام حسين الصدر ثم مهدي الحكيم وعشرات من علماء الدين في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء والبصرة ومدن عراقية أخرى يتواجد فيها علماء برتب دينية مختلفة. قتل في التسعينيات من القرن الماضي عدد من العلماء المعروفين ( السيد الخوئي بعد الإنتفاضة الشعبانية بواسطة السم، مرتضى البروجردي بالرصاص، الشيخ علي الغروي بحادث سيارة على طريق كربلاء، وفي العام 1999 تم غغتيال المرجع محمد الصدر الثاني بطريقة بشعة مع إثنين من أبنائه في الطريق الى منزله في حي الكوفة الشهير وبقرار مباشر من رأس السلطة الحاكمة بعد سنوات قضاها في حشد رافض للحكم المستبد وقيادته لثورة إصلاحية وتصحيحية في المجتمع العراقي بشكل عام والحوزوي بشكل خاص.

أستمرت المرجعية النجفية بالصمود في مواجهة تحديات السلطات الدنيوية الرامية الى تحجيم دورها وحتى الرغبة بإنهاء تأثيرها في المجتمع، وعرفت الصمود في وجه محاولات نقل سلطة النجف الى الخارج بطريقة أو بأخرى، لكن العام 2003 مثل إنتقالة كبرى جعلت المرجعية في مواجهة العاصفة، وحين كان المتوقع إن النجف ومرجعياتها ستشهد إزدهارا كبيرا بعد سقوط صدام صدمت بوجود قوات إحتلال أمريكية متحكمة في شؤون الدولة العراقية لتعيد رسم الخارطة السياسية وتشعل فتنة طائفية كبرى لاقرار لها ولامستقر، وبوجود نخبة سياسية فاسدة فاشلة لم تهتم ببناء الدولة وتجاهلت مشروعها الذي إدعت مواجهة صدام لأجله وجعلت المرجعية الدينية في حرج كبير، وصار المطلوب من المرجعية تلافي أخطاء السياسيين الكبار والصغار معا، وإتخاذ تدابير حتى لحماية الشعب من المخاطر كما حصل بعد سيطرة داعش على الموصل وتهديدها لبقية العراق حيث أمرت المرجعية مواطني البلاد بالتحرك الجمعي لمواجهة خطر التنظيم المتشدد وكانت ترى الجيش العراقي والحكومة يقدمان أداءا هزيلا وغير متوقع أثناء المواجهة مع داعش.

المرجعيات الدينية في النجف لم تنجح تماما في حسم معاركها مع السلطات الدكتاتورية، ولم تنجح كذلك في وقف الإحتلالات عند حدها، ولكنها كانت غالبا ماتنجح في وضع وضع شروط مهمة للعبة، حصل ذلك في النجف عند المواجهة مع جيش المهدي حيث إنحازت المرجعية ضد الأمريكيين وحكومة إياد علاوي، ووفقت في دعم عملية كتابة الدستور وإجراء الإنتخابات المحلية والنيابية. المرجعية الدينية حصلت على ضمانات سياسية ومجتمعية بإحترام دورها الحيوي والمساهمة في ترسيخ مفاهيم سياسية وممارسات وسلوك ملائمة تحكم العلاقة بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الحكومة، لكن كل ذلك لايبدو كافيا لضمان المستقبل المفتوح على كل الإحتمالات فالدور الأمريكي ومرجعية واشنطن هما الأكثر قدرة على رسم ملامح الطريق، بينما تعرف المرجعية كيف تتحكم بشروطها الخاصة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد