مستشرق الماني : الترجمة الصحيحة للقرآن هي التي تحافظ على روحه

mainThumb

19-09-2014 02:30 PM

عمان- أسعد العزوني - قال كبير المستشرقين الألمان البروفيسور هارتموت  بوبتسين أن  الأدب والتراث الشرقيين غير معروفين في ألمانيا وأوروبا عدا قصة " ألف ليلة وليلة"،مطالبا المستشرقين  بالجودة والموضوعية في نقل الواقع ،وألا يكونوا منحازين لحضارة دون أخرى .
ولدى سؤاله عن الإسلام في الغرب وألمانيا بشكل خاص ،أجاب المستشرق الألماني بوبتسين، أنه لا توجد مرجعية إسلامية  موحدة  في الغرب للتواصل معها من أجل التوصل إلى حل للقضايا الخلافية.
وفي معرض حديثه عن ترجمته للقرآن الكريم ، قال البروفيسور بوبتسين أنه أنجز ترجمة فريدة للقرآن الكريم،جرى التركيز فيها على الحفاظ على روح القرآن،مشددا أن هذه هي الترجمة الصحيحة.
وتاليا نص الحوار:
** ما الذي دعاك للإستشراق والغوص في الشرقيات؟
---  ذهبت في مرحلة متقدمة من عمري إلى مدرسة ثانوية المانية خاصة تدرس اللاتينية والإنجليزية والإغريقية والعبرية القديمة،وكنت منذ طفولتي أرغب في أن أصبح كاهنا بروتستينيا ،ولذلك قررت الذهاب إلى جامعة ماربوك وسط ألمانيا لأنها كانت مشهورة بتدريسها للأديان المقارنة،وقد درست اللاهوت والديانات المقارنة مع اللغة السنسكريتية والدراسات الهندية،كما كنت مهتما  بالعهد القديم ،وقد دعاني أحد المدرسين لتعلم العربية كي أحسن من ذوقي وفهمي للعهد القديم.
بدأت  أهتم باللغة العربية  وإلتقيت بزوجتي الحالية وتعرفت عليها وأخذنا كورسا للغة العربية لكنني إكتشفت أنها تتقن العربية،وهكذا بدأنا معا درب الإستشراق ،ولم يكن القرآن الكريم ضمن إهتماماتي آنذاك لوجود إهتمامات اخرى.
بعد الإنتهاء من الدراسة الجامعية إنتقلنا إلى دمشق لسنة كاملة ودرسنا معا ،ومن ثم حصلت على وظيفة في جامعة "إيرلنغن نورمبيرغ" وكان إهتمامنا بشكل خاص باللغة العربية المعاصرة.
في العام 1988 إحتفلت الجامعة بالذكرى المئوية الثانية لمولد الشاعر والأستاذ الألماني فريدريك روكرت الذي كان يشغل أستاذا فيها حتى العام 1941،وشغل منصب أستاذ الدراسات الشرقية ويتحدث بأكثر من خمسين لغة مختلفة منها الفارسية والتركية والعربية والسنسكريتية،كما كان شاعرا ألمانيا مشهورا وشارك في حرب التحرير ضد نابليون بونابورت،وإهتم باللغات الشرقية.
خلال فترة الإحتفال بلك قمت بتنظيم معرض لعرض أعماله تخليدا له خاصة في ميدان اللغات الشرقية والأدب الشرقي ،ونشرت مقتطفات لترجمته للقرآن الكريم إلى الألمانية،وأصر على أن الترجمة الحقيقية للقرآن الكريم هي التي تحافظ على المضمون وليس الإعتناء بالحرفية النصية  ،ووجوب إظهار روح القرىن الكريم.
وبما أنه كان شاعرا يتقن اللغة فقد نجح في ترجمته للقرآن الكريم،وقمت بنشر ما تبقى من أعماله من ترجمة القرآن الكريم .
** ماذا وجدت بعد  دخولك عوالم الشرق الأدبية والثقافية؟
--- وجدت الكثير ووقعت على كنوز أثمن من الذهب ،خاصة وأن الأدب والتراث الشرقيين لم يكونا معروفين في ألمانيا وأوروبا  عدا "ألف ليلة وليلة"،وكان الفيلسوف غوته قد إكتشف الشرق في ديوانه "الشرق والغرب"وكان ذلك سببا لنظم الشعر من قبله،كما أنه قرأ المعلقات بالإنجليزية.وإكتشفت أن التراث الشرقي  ميدان واسع ولذلك بدأنا الإهتمام باللغة العربية ودخلنا عالم الترجمة إلى الألمانية وجمعنا الكثير من الكتب العربية وأحضرناها إلى ألمانيا.
قمت بتدريس اللغة العربية القديمة  واللغات الشرقية الأخرى ،وكانت خطوة مهمة لنا الدخول في عالم الإستشراق وقرأنا كثير للكاتب حنا مينا ونجيب محفوظ،وتعرفت على وزير الثقافة السوري الأسبق عبد السلام العجيلي .
لاحقا  إلتفت إلى دراسة القرآن الكريم وقمت بتنظيم دورات خارج الجامعة لقراءة القرآن لغير المسلمين،بعنوان "مسيحيون يقرأون القرآن"وإكتشفت عددا من الترجمات السيئة للقرآن ،وهناك ترجمة مشهورة  لأحد كبار المستشرقين الألمان وكانت جافة جدا ،ما دفعني إلى ترجمة القرآن الكريم على طريقتي.
** شغلت مركز أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية في جامعات المانية ،ماذا أفادك ذلك المركز؟
---  إطلعت على القرآن الكريم والسيرة النبوية والأدب العربي بشكل أوسع،وكانت النظرة لدي شمولية ،لكني بعد ذلك إلتفت إلى العربية المعاصرة،وقرأت روايات نجيب محفوظ،وكما هو معروف لدينا فإن الدراسات الإسلامية في أوروبا تعني فقه اللغة فقط.
** كيف تنظر إلى ترجمتك للقرآن الكريم؟
--- منذ عشر سنوات قبل الشروع بترجمة القرآن الكريم ،كنت أقوم بتثقيف الجمهور بمباديء القرآن ككتاب مقدس مهم،في الدين الإسلامي،بسبب أعداد المسلمين المتزايدة في ألمانيا،وظهر خلال عمليات التثقيف الحاجة من جانب الجمهور إلى معارف جديدة موسعة حول القضايا الدينية.
لم يكن متوقعا أن العمال الأتراك سيمارسون شعائرهم الدينية علانية في المجتمع الألماني ،ولذلك كنا بحاجة إلى بيوت مناسبة للمسلمين للصلاة وتأسيس مساجد حديثة ،وكنت من مؤسسي حلقة تطبيقية للمشاكل اليومية للمواطنين المسلمين.
** مثل ماذا ؟
--- مثل المقابر  ورياضة البنات  المسلمات وتدريس الدين الإسلامي في المدارس الحكومية.وهذا من واجب الدولة لكنها كلفت الكنائس  بهذا العمل.
هناك قضية أخرى ما تزال تشغلنا في ألمانيا ،وهي عدم وجود مرجعية موحدة للمسلمين  في ألمانيا يمكن الرجوع إليها عند وجود مشكلة لحلها،مثل البابا على سبيل المثال ،وهذه أسئلة ملحة للمسلمين الألمان ولن تستطيع الدولة حل مشاكل المسلمين إلا بمشاركتهم ووجود مرجعية دينية  تنطق بإسمهم ،يمكن الرجوع إليها.
كان هناك مسؤولون من البلدية والمدارس والجامعات مهتمين بحل هذه المشاكل الملحة كالمقابر وتدريس الإسلام في المدارس الحكومية.
** هل انت راض عن الإستشراق هذه الأيام؟
--- هذا الميدان واسع جدا ومساحته كبيرة ويتضمن الدراسات الأندونيسية والدراسات الإفريقية ،وانا راض عن ذلك لكننا كمستشرقين نعاني من نقص في التمويل والمدرسين.
**لكن هناك مستشرقون يقومون بتشويه صورة العرب والمسلمين !
--- العملية تتعلق بالجودة وليس بالإنصاف ،مع أن على المستشرق أن يكون منصفا أمام القضايا التي يتناولها وينقل الصورة التي رآها  كما هي ،لأن التزييف والتزوير جريمة منكرة،والإنصاف بالنسبة لي نسبي لأنني أركز على الجودة والموضوعية.
** كمستشرق كيف تنظر إلى المسلمين في أوروبا بشكل عام وفي ألمانيا بشكل خاص؟
--- هناك مسلمون  كثر في أوروبا وألمانيا من مختلف البلدان والثقافات والمذاهب ،وأنا شخصيا ضد التطرف الذي تقوم به حركة طالبان على سبيل المثال في أفغانستان ،وليس لدي مشكلة مع المثقفين العرب والمسلمين.
**كيف ترى إقبال الألمان على إعتناق الدين الإسلامي ؟
--- العملية تسير بشكل طبيعي ،وهناك يوم في السنة يدعى "الباب المفتوح"في المساجد ،حيث يقوم الألمان بزيارة المساجد بأعداد كبيرة،وجدير بالذكر أن عدد المساجد في المانيا يربو على 200 مسجد ومصلى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد