أحزاب تناقش قانون - 1

mainThumb

15-09-2014 10:34 PM

لم يعد أمراً غير عادي أن تقع حكومات أو منظمات أو مؤسسات أو أحزاب في تناقض واضح في مواقفها المعلنة من مختلف القضايا التي تمر مجتمعاتها بها.

ومن المحزن أنْ نجد في تراث (الربيع العربي) دعوات الاستنجاد وحماس التعامل مع القوى الأجنبية التي طالماعملت بكل السبل,العسكرية والاقتصادية والعلمية والثقافية على طمس معالم النهضة العربية في مختلف مراحلها,وأظهرت العداء الصارخ لكل قوة وطنية,ومواجهة كل ردة فعل بيقظة قومية جامعة لمواطني الدول لعربية والمقيمين فيها,أو فئة متنورة تسعى إلى التحرر التام من سيطرة القوى الاستعمارية والهيمنة الأجنبية على مقدرات الوطن وتراثه وثرواته بدعوات صريحة ومباشرة,مشاركتها في تدمير الأوطان باسم الحرية وسعيا للديمقراطية وهي أفعال تتناقض تناقضاً صارخاُ مع أبسط مفاهيم مفردات الحرية ومناهج الديمقراطية ومعانيهما(لا ننسى مواقف قوى وجبهات عقائدية وحركات سياسية وأحزاب معارضة وحكومات عربية,وأيضاُ الجامعة العربية ومشاركتها في هذا الفعل المشين).


لا بل فقد وصل الأمر إلى تحالفات كانت محرمة وطنياً بعد أن أحاطت سارية ترفع راية قوى (الثورة) السورية جبهة النصرة وحليفاتها من العقائديين المتلفعين بالانتساب الديني,وهي راية صنعتها قوى الاستعمار الفرنسي ,ساريتان ترفع كل منهما راية الاحتلال الصهيوني لفلسطين,وهي تحارب جيشها الوطني وظهرها للعدو المحتل!!!؟؟


تنشغل قوى النشاط الحزبي الأردنية قديمها وحديثها وجديدها,عقائدييها وبرامجييها,مبادئييها وعلمانييها...منذ فترة ليست قصيرة بمناقشة مسودة قانون أحزاب أعدته الحكومة,وتٌعقد لهذا الغرض الندوات واللقاءات والمحاضرات التي تشارك الأحزاب بها,وفي القانون بنود عن كيفية إقامة الحزب وعدد أعضائه ومصادر تمويله وتواجده في المحافظات.....وهذا ما يستحق الوقوف عند جدواه:

يذكرنا موضوع الحوار حول قانون الأحزاب السياسية,بالحوار الأزلي حول الفقر والفقراء,فيتولى الأغنياء والمقتدرين في نقاش الفقر دون مشاركة الفقراء أنفسهم,وهكذا الأمر في غالب الأحيان في حوار البطالة الذي يتولى الحوار حوله العاملون والمتسيدون لإدارات وشاغلوالمناصب الرفيعة,وهو بذلك حوار لا يختلف عن حديث من يتلذذ بطعم السمك قبل اصطياده؟! وهو حوار لا يسعى إلى حلول بقدر ما يسعى إلى تسجيل مواقف استعراضية لم تعد تنفع الفقراء ولا الأغنياء الذين يشفقون عليهم!!


من ناحية ليست هناك حاجة إلى قانون أحزاب لتنظيم أعمالها إذ من المفروض أن العملية التنظيمية والرسالة العقائدية والبيانات التعلقة بمبادئ الحزب ومنظومة الأيدولوجيا وشروط العضوية ومتطلباتها,والتسلسل القيادي والتنظيمي,وتوزيع المهام ,ووسائل انتخاب القيادات الرئيسة والفرعية,وعدد أعضاء الحزب , وموارد الحزب المالية والمادية,فكر الحزب وطريقه إلى الوصول إلى الجماهير هي جوهر واجبات الحزب نفسه,وهي امتحان لقدرته على أداء مهامه الوظيفية التي يدعي أنه جاء ليتولى العمل من أجلها,وهي مهام يمكن من خلالها التمييز بين الأحزاب وواقعية طروحاتها ومصداقية أدبياتها,وتشكل عناصر التنافسية المشروعة بينها,وتحفيزعملية انضمام المواطنين لها بترك الخيار للمواطن نفسه,وتقديم فكر الحزب بصورة شفافة وصادقة النوايا الخفية منها والمعلنة,أمام كافة الأعضاء الجدد والقدامى.


فشلت وزارات كثيرة في القيام بمهام جاءت للتصدي لها,لا حاجة لمثل تلك المهام إلى وجود وزارة,لأنها مهام من صلب عمل ومشاركة المواطنين وفعالياتهم الاستثمارية والحقوقية والحريات الأساسية فيها وذلك في الدول الديمقراطية وشبه الديمقراطية,والسائرة على طريق الديمقراطية ومن هذه  الوزارات وزارة التموين وزارة الإعلام,وندر أن توجد وزارات للثقافة في الدول المتحررة والمتحضرة...وكذا الأمر بالنسبة لوجود وزارة معنية بالنشاط الحزبي والسياسي في مجتمع يباهي بنسب المتعلمين من أبنائه والخبراء في مختلف المجالات والمهنيين والسياسيين فيه مثل الأردن.


إدارة شؤون الأحزاب وقوننة أنشطتها,أول أخطاء قراءة الدولة للعمل الحزبي,وتعبير عن اهتمامها الشكلي في تفعيل الحياة الحزبية,والرغبة الدائمة للسلطة في التدخل في كل ما تتمكن من التدخل فيه,وأقسى خطايا الأحزاب هي خطيئة مد يديها للسلطة لتكبيلهما,وهذا ما وقعت فيه الأحزاب الأردنية عندما اندفعت تلك إلى رهن حيوية وجودها بالتماهي مع قرارات الوزارة,والتجاوب مع طلباتها وتشريعاتها,وتناقش قوانين العمل الحزبي وشروطه الذي أعدته تلك الوزارة.


حرية تشكيل الأحزاب,بالشكل الذي يرتأيه الحزب وتقره هيئته التأسيسية,حرية كاملة الأركان وهي من الحريات التي لا يحق للحكومة التدخل في بناها الهيكلية,أو حركيتها التنظيمية أو توسعها الجغرافي أو محتوى بياناتها العلنية التي تطرح من خلالها رؤاها في قضايا الوطن الحالية والمستقبلية,وتعلن مبادئها وتنشر برامجها ,ولا يحق للحكومة التدخل في وسائل الدعاية التي يتبناها الحزب لتشجيع المواطنين على الانتساب للحزب...

حرية العمل الحزبي في المجتمع من الحريات الأساسية في المجتمع.ويسلك الحزب في كل شأن من شؤونه في ظلال تلك الحرية .فحرية تشكيل الأحزاب والمنظمات المدنية  والانتساب إليها من الحريات الأساسية للمواطن,ولا مجال للحكومة التصرف بما يحد من هذه الحرية أو يقيدها أو يعيقها ما دامت الأحزاب تعمل  بالصيغ العلنية والوسائل السلمية المكشوفة,والنوايا السياسية والاجتماعية وغيرها الصريحة والواضحة القابلة للحوارحول رؤية الحزب للمعارضة ومشروعية سعيها للسلطة بالوسائل السلمية والنظيفة الخالية من الفساد والإفساد بالمال والعطايا والمكاسب غير المشروعة,وكل ذلك يقع ضمن تشريعات الديمقراطية,وأو منظومة القيم المعمول بها في المجتمع.,مع أهمية التزام الأحزاب التلقائي والذاتي بالتشريعات الناظمة للمجتمع ,المشخصة للتعددية القومية والعرقية والإثنيةوالثقافية والسياسية فيه, الحاصلة على حقوقها الدستورية ,والمشاركة الفعلية في كل القضاياالعامة بصيغ متفق عليها في التمثيل وفي الوسائل والأساليب المحفزة لتقدم المجتمع وتطوير أدائه في التحرروالتحضر.


وحرية العمل الحزبي, حرية لا تستقيم قيمها العالية مع فرضيات حزبية بعقائد تهدف إلى تغيير قيم المجتمع أو الادعاء بتقويم أخلاقه وإعادة صياغة تراثه وفرض عادات على مكوناته الاجتماعية,وهنا تجدالحكومة ما يمكنها من متابعة المخالفات الكامنة في التعدي على الحريات العامة في المجتمع,وفرض العقوبات الرادعة من خلال التشريعات الناظمة لاستقرار المجتمع وحمايته من الجرائم الفنية والثقافية ولأخلاقية والتعدي على الحقوق العامة وحفظ السلم الاجتماعي والتقيد بنصوصه الدستورية في التعددية والتنوع وحماية حقوق أطرافها دون تحيز أو تمييز أو محاباة.

فقدت القيادات الحزبية التي تتثاقف في مناقشة قانون الأحزاب التزاماتها الأدبية,وخرجت عن قيم الحرية الحزبي بمرحلتيها : الأولى مرحلة تشكيل الأحزاب؛ ووالثانية مرحلة منهجة عمل الأحزاب.                               
   
 للموضوع بقية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد