لسان العربي أمهر من عقله - المحامي محمد ابداح

mainThumb

24-08-2014 11:14 PM

من المفيد أن يكون الإنسان واقعياً وعملياً، على مبدأ تحقيق الممكن وفق المتاح، غير أن الغلوّ في رفع سقف الطموح أو تقزيمه، أمر يخرجنا عن الوسطية ، فالأمة العربية أمة وسطية، ولكن يبدو أن بعض الكتاب العرب يمنحون الأزمة الفكرية والحضارية العربية تفسيراً آخر:( يخطىء الذين يطلبون من العرب فلسفة كفلسفة اليونان وقانوناً كقانون الرومان، أو أن يمهروا في الصناعات كصناعة الديباج، أو في المخترعات كالاصطرلاب، فإنه إن كان يقارن هذه الأمم بالعرب مقارنة خطأ، لأن المقارنة إنما تصح بين أمم في طور واحد من الحضارة، لا بين أمة متبدية وأخرى متحضرة.

 ومثل هذه المقارنة كمقارنة بين عقل في طفولته وعقل في كهولته، كل أمة من هذه الأمم كالفرس والروم مرت بدور لم يكن لها فيه فلسفة ولا مخترعات، والعربي عصبي المزاج، سريع الغضب، يهيج للشيء التافه، ثم لا يقف في هياجه عند حد، وهو أشد هياجاً إذا جرحت كرامته، أو انتهكت حرمة قبيلته، وإذا اهتاج، أسرع إلى السيف، واحكم إليه، حتى أفنتهم الحروب!.

 وحتى صارت الحرب نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة، والحق أن العربي ذكي، يظهر ذكاؤه في لغته، فكثيراً ما يعتمد على اللمحة الدالة والإشارة البعيدة، كما يظهر في حضور بديهته، ولكن ليس ذكاؤه من النوع المبتكر، فيبهرك تفننه في القول، وان شئت فقل إن لسانه أمهر من عقله، وخياله محدود وغير متنوع، فقلما يرسم له خياله عيشة خيراً من عيشته، حتى يسعى وراءها، لذلك لم يعرف المثل الأعلى، لأنه وليد الخيال، ولم يضع له في لغته لفظة واحدة دالة عليه، أما ناحيتهم الخلقية، فميل إلى حرية قلّ أن يحدّها حدّ، ولكن الذي فهموه من الحرية هي الحرية الشخصية لا الإجتماعية، فهم لا يدينون بالطاعة لرئيس ولا حاكم، تأريخهم في الجاهلية وفي الإسلام سلسلة حروب داخلية، وعهد عمر بن الخطاب كان عصرهم الذهبي، لأنه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية) ، وفي الحقيقة فإنه يمكن القول بأن الكاتب أحمد أمين قد أهان العرب مرتين، في الأولى حين وصف عقولهم بالطفولي ، فالعرب لم يولدوا بالأمس، فهم من اقدم حضارات العالم، وثانياً في تقديمه لذرائع عن سبب الأزمة الشاملة التي يمر بها العرب حالياً، فاليابان دمرتها الحرب العالمية الثانية فقامت من جديد لتصبح ثالث أكبر دولة صناعية بالعالم، وغيرها الكثير من الشواهد الناجحة.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد