البنزين خال من الرصاص .. فلماذا لا تكون أعراسنا كذلك؟

mainThumb

31-07-2014 05:51 PM

أولا وقبل الغوص في الموضوع ،لا بد من التذكير أن  الرصاص "السلاح "،مكلف ماديا ،والناس يشكون من الطفر والفقر ،ويدعون الله أن يجنبهم الفقر والكفر ،لأنهما  مهلكين للنفس البشرية ،لمآلاتهما  وإنعكساتهما على المرء ،فكلنا نعرف  وضع الفقير في الدنيا حيث الذل بسبب الحرمان والتفكير بالدين ،في حين أن عاقبة الكافر هي جهنم وبئس المصير.


أما معنويا ،فكيف يرتاح شخص نفسيا وهو يطلق النار في الهواء ،ولا يسمح له  بإطلاق النار على العدو،خاصة وأن أهل غزة  يتعرضون لمجازر رهيبة ،قتلت  وأصابت منهم في أقل من شهر نحو 10 آلاف  عزيز على قلوبهم ،غالبيتهم من النساء والأطفال، ناهيك عن دمار البيوت والمنشآت والمدارس والمستشفيات والبنى التحتية ،بفعل القصف الوحشي الذي تقوم به طارات وسفن ودبابات  إسرائيل.


وهناك نوع آخر  من الكلفة التي يترتب عليها إستخدام السلاح الناري في الحفلات والأعراس،وهي  إصابة  أحد المدعوين للعرس أو بعض اهالي الحي حيث تصيبهم الرصاصة وهم آمنون في بيوتهم ،كما أن الرصاص  أصاب العريس أو العروس ،فإنقلب العرس إلى مأتم بسبب منافق أو طائش لم يجد من يحاسبه،فقلب الفرحة إلى ترحة.


هذه هي حواشي القضية أما لبها  فهو :كيف لأمة مهزومة حتى النخاع ،لا تقوم جيوشها بلهفة المظلوم ،كما فعل المعتصم،بعد أن نقل له تاجر من العراق خبرا مفاده أن علجا روميا إعتدى على إمرأة مسلمة في عمورية ،فإستغاثت :وامعتصماه"،فقام الخليفة المعتصم بتجهيز جيش أمره بالتوجه إلى عمورية بعد أن سأل مستشاريه عن مكانها ،وكان لذلك الجيش  بداية ولم تكن له نهاية،ولقن الروم في عمورية درسا لن ينسوه ،دون أن يدعو لقمة عربية أو إسلامية ،فيما  تصرخ نساء غزة :أين العرب والمسلمين ؟ولا من يجيب.


الغريب مرة أخرى أن الجيوش العربية لا تصمد لسويعات أمام الجيش الإسرائيلي ،بل تنسحب أمامه وتسلمه الأرض ،فيما يعجز هذه الجيش عن التعامل مع المقاومة ،فيلجأ لتدمير البيوت وقصف المدنيين بطريقة وحشية تنم عن طبيعته وتكوينه ونفسيات قادته الذين  يمارسون القتل على أصوله .


ويحق لنا التساؤل :إزاء هذا الوضع المتهتك، كيف يقبل البعض  أن يطلق النار في الهواء،وما اللذة التي يشعر بها ،وماذا يجول في خاطره في تلك اللحظة التي لا معنى لها؟


إطلاق النار في الهواء في الأعراس والإحتفالات بغض النظر عن طبيعتها، تعكر صفو الأمن ،وتروع الأطفال والنساء وحتى الرجال  ،وهو خسارة مادية كما أسلفت،كما أن إنعكاسات ذلك على الأطفال وخيمة ،لأنه يولد عندهم تساؤلات لن يجدوا إجابات عليها بغض النظر عن ولادة لحظة التساؤل.


كما أن إنعكاسات  ذلك على نفسياتهم عندما يكبرون ويقرأون تاريخنا الأسود ويقارنون  ما يرون بواقعهم ،والصمت المريب الذي يخيم على الحدود العربية مع "إسرائيل".ويتعمقون في تفسير أسباب الهزائم العربية المتتالية .


كم هو صعب على المرء الحر أن يرى الرصاص يطلق في الهواء ،هكذا ،ودون مردود إيجابي ،في الأعراس، وهو يرى  أهل غزة على وجه الخصوص وهم يذبحون ويقتلون  على أيدي جيش الإغتصاب العاجز عن تخطي الحدود البرية  مع غزة ،ولا من مغيث ،مع أن وسائل الإتصال الحديثة تنقل الأحدث أولا بأول ،ولا عذر لأحد بالقول أنه لم يعلم بما يجري .


كل ذلك يحدث وجيوش العرب تشتري الأسلحة  والطائرات بالمليارات وتمتلك مخازن ،تهتريء فيها  الأسلحة بفعل الرطوبة والغبار وقلة الإستخدام ،  أو للدقة لعدم الإستخدام ،أي أننا لا نستفيد منها سوى العمولات التي تذهب للمتنفذين الذين يبرمون صفقاتها ،والله وحده يعلم ما الذي يتم توريده للمخازن.


جيوش العرب  الساكنة الساكتة ،مشهود لها بلمعان بساطير جنودها وحجم كروش ضباطها ،والرتب التي تزين أكتاف وصدور وياقات قادتها وكأنهم خاضوا كل معارك الخليقة  بدءا من معركة  إبني آدم قابيل وهابيل ،وإنتهاء بتحرير فلسطين والجولان  ومزارع  شبعا  وقبرص وسبتة ومليلية وجزيرة العصافير والجزر  الثلاث طمب الصغرى والكبرى وأبو موسى وإنطاكيا وشبعا وسيناء .


رغم ما نعانيه من ذل ومهانة ،وسلب لحرياتنا وإهانات لكرامتنا ،وعجز عن تحرير أراضينا المحتلة ،والتمتع بخيراتنا وثروات بلادنا التي تذهب هدرا لأعدائنا ،إلى درجة أن لإسرائيل  نصيبا كبيرا منها ،يظهر علينا من يطلق النار في الهواء فرحا ونفاقا  ،فأي بشر نحن؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد