معلمو الوزارة والحق في الحصول على سكن - مصطفى التل

mainThumb

21-07-2014 05:16 PM

النظر الى محافظة إربد  مؤلم , والعيش فيها  أكثر إيلاما  , على الأرض لا تفر من حصار اللاجئين، وضوء النهار لم يعد سوى صورة تعكسها ايلام الأردني في اربد بحيث تلتطم انظارك ببؤس هذا الأردني الشمالي . ومع ذلك، في عروس الشمال التي تئن بحمل مبانيها وسكانها ومركباتهم ولاجئيها، اصبح البحث عن شقة للتملك او الإيجار ضرباً من الخيال للأردنيين بالذات ودون غيرهم .

(نحن لا نؤجر أردني ) , عبارة أصبحت أقل من عادية على مسمعك  وفي وطنك , في محافظة اربد , عروس الشمال , أصبح مواطنها مهان , كرامته تحت أحذية اللاجئين وجشع أصحاب العقارات المتروك لهم العنان على إمتداده , بدون رقابة ولا حسيب ولا رقيب .

أزمة السكن في محافظة اربد  تفاقمت لتصل الى هذا الحد الذي أصبح الأردني معه يرى اللاجئ يسكن في أرقى مناطقها وبأغلى الأسعار وهو لا يجد غرفة تأويه مع عائلته ، هذا الأردني  يطلب السكن في مساحة لا تصلح لعيش البهائم و لا يجدها .

ارتفاع اسعار الشقق وايجاراتها الشهرية يتخطى القدرات  المالية الأردنيين  بالعموم  والموظفين بالخصوص ممّا انعكس على خسارتهم للمكان الملائم للسكن والمحيط الذين يريدون العيش فيه، و اصبحوا محكومين بقدرات مالية متهالكة, لا تكفي لعيش البهائم وتوفير التبن لهذه البهائم , فما بالك بموظفي الدولة والمعلمون خصوصاً, الذي لا يتجاوز راتبهم 300 دينار أردني ؟ ! .

أكد المرصد العمالي  أن الغالبية الكبيرة من العاملين في الأردن لا يحصلون على أجور توفر لهم الحياة الكريمة لقاء عملهم، كما أن 22 في المئة منهم تبلغ أجورهم الشهرية 200 دينار فأقل، و46.1 في المئة تبلغ أجورهم الشهرية 300 دينار فأقل
.
إضافة إلى وجود فجوة كبيرة بين معدلات الاجور التي يحصل عليها الغالبية الساحقة من الأردنيين وقدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم.

وحسب ارقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي فإن متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2012 بلغ 416 دينارا، ويؤكد ذلك أرقام دائرة الإحصاءات العامة.

وعند مقارنة هذه الأرقام بمستويات الفقر في الأردن نلحظ المستوى المتدني لمعدلات الأجور هذه، فالأرقام الأولية لدراسة الفقر للعام 2010 التي اجرتها دائرة الإحصاءات العامة أشارت الى أن الأسرة المعيارية المكونة من ستة أفراد 5.4 يقترب خط الفقر المطلق لها من 350 دينارا شهريا.

وكشف التقرير العمالي بحسب مديره احمد عوض أن هنالك أرقاما جديدة صادرة عن دائرة الاحصاءات تشير الى ان حد الفقر للفرد سنويا يبلغ 400 دينار سنويا، وبحسبة بسيطة يتبين أن خط الفقر للأسرة المعيارية شهريا يبلغ 380 دينارا، واذا اخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم خلال العامين الماضيين 2012 و2013 والتي تقارب 10% نجد ان خط الفقر سيقترب من 440 دينارا شهريا للأسرة المعيارية. وعند التعمق في شرائح الأجور التي يحصل عليها العاملون بأجر في الأردن، نلحظ الوضع الكارثي، إذ نجد أن 22 في المئة منهم تبلغ أجورهم الشهرية 200 دينار فأقل، و46.1 في المئة تبلغ أجورهم الشهرية 300 دينار فأقل، وكذلك 72.1 في المئة تبلغ أجورهم الشهرية 400 دينار فأقل.

لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر معلمي الأردن ورواتبهم وأجورهم الشهرية ( أقصد معلمي الميدان وليس المشرفون أو مدراء التربية أو موظفو المركز في الوزارة , فهؤلاء علية القوم والمساس بهم كفر أكبر مخرج من ملّة التربية ) .

يشكل المعلمون والمعلمات اكبر قطاع مهني في الاردن، اذ تبلغ اعدادهم ما يقارب 103 الاف معلمة ومعلم، تشكل الاناث ثلثيهم 66.4 بالمائة بواقع 68 الف معلمة، 70 بالمائة منهم يعملون في القطاع الحكومي بواقع  71 الف معلمة ومعلم، يتوزعون على  3433 مدرسة، اما العاملون في القطاع الخاص فيتوزعون على 2254 مدرسة، وما تبقى من معلمين ومعلمات يعملون في وكالة الغوث والمدارس التابعة لوزارات التنمية الاجتماعية والدفاع و الاوقاف.

فمهنة التعليم  كما يعرف الجميع اصبحت طاردة للعمل خاصة عند الذكور خاصة وان الراتب الشهري للمعلم لا يتجاوز في نهاية الخدمة 500 دينار في احسن الاحوال ما يضطر الغالبية الساحقة من المعلمين الذكور للعمل في اعمال اخرى اضافية ليتمكنوا من مواجهة متطلبات الحياة الاساسية التي يواجهونها واسرهم.

المعلم تعيين جديد لا يتقاضى كصافي راتب أكثر من (360) دينارا أردنيا , هذا الراتب يتوجب عليه أن يغطي أجرة مسكن لأغلب المعلمين وعائلاتهم بما مقداره (250 ) دينارا أردنيا في الشهر الواحد ( وهذه هي أجور محافظة إربد , ومن يقلل عن هذا الرقم يكون كاذبا مع احترامي له ) , واقتطع منه كهرباء وماء ما مقداره بالمتوسط (40 ) دينارا أردنيا شهريا , كم يكون مجموع ما تم اقتطاعه من صافي راتيه ؟  الجواب هو ( 290 ) دينارا أردنيا .
بقي معه من راتبه تقريبا : ( 70 ) دينارا , فهل تكفي أجرة طرق للوصول لمكان عمله ؟! , طبعا لا نريد لعائلته أن تأكل أو تشرب أو تلبس , فهو معلم , ليس أكثر محكوم عليه بالموت وهو ينظر .



 معلمو الوزارة والحق في الحصول على مأوى صالح للسكن بتكاليف محتملة وفي موقع مناسب, بين الحكومة الاردنية والمجلس النيابي والاتفاقيات الدولية المختلفة بما فيها اتفاقيات حقوق الإنسان .

بما ان الحكومة الاردنية قد صادقت على معظم الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الانسان والناظمة للحق في الحصول على مأوى مناسب وبتكاليف محتملة، وبما ان معظم اجتهادات محكمة التمييز الاردنية المتعلقة بالقيمة القانونية للاتفاقيات الدولية اقرت بشكل واضح وصريح بسمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية , فإن المنطق القانوني يحتم علينا القول بضرورة انسجام التشريعات الاردنية وهي بصدد تنظيم احكام الحصول على مأوى مناسب وبتكاليف محتملة ،  أن تتماشى مع المعايير الدولية ذات العلاقة .
فالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من جانب الحكومة الاردنية تسمو على التشريعات الوطنية باعترافات الحكومة الاردنية بتقاريرها الدورية امام الاليات التعاقدية . هذا وقد استقر الاجتهاد القضائي على ذلك ومنها قرار محكمة التمييز الأردنية رقم     818/2003   الذي جاء فيه "تسمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية مرتبة على القوانين المحلية ولها أولوية التطبيق عند تعارضها معها ولا يجوز الاحتجاج بأي قانون محلي أمام الاتفاقية".
فاتفاقية العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فئة واسعة من الحقوق الإنسانية التي يكفلها "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" وغيره من مواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية الملزمة قانوناً. ولا تكاد توجد دولة في العالم ليست طرفاً في وحدة على الأقل من المواثيق الملزمة قانوناً التي تكفل هذه الحقوق، ومن بينها:
الحق في الحصول على مأوى ملائم، بما في ذلك الحق في ضمان الملكية، والحماية من الإجلاء القسري، والحق في الحصول على مأوى صالح للسكن بتكاليف محتملة وفي موقع مناسب وأن يكون ملائماً ثقافياً؛

الحق في الحصول على الغذاء، بما في ذلك الحق في التحرر من الجوع، والحق في الحصول في كل الأوقات على غذاء ملائم أو على سبل الحصول عليه
الحق في الحصول على المياه، ويعني الحق في الحصول على ما يكفي من المياه والمرافق الصحية، على أن تكون متاحة وميسرة (مادياً واقتصادياً) وآمنة.


وفي النهاية سؤال أوجهه لرئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم ونواب الشمال الميامين الذين لا نسمع لهم صوت ولا نرى لهم حركة وكل ما نسمعه جعجة ولا نرى طحناً :

أين المعلم الأردني من كل هذا ؟!
وليعلم الجميع بأنه سيتم المتابعة مع نقابة المعلمين وجمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية وبالطرق القانونية لمقاضاة الحكومة بخصوص تقصيرها في هذا المجال .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد