الانتخابات الاردنية في الصحف العبرية

mainThumb

05-02-2013 12:34 PM

عمان - السوسنة - قال الكاتب الإسرائيلي وسفير تل أبيب السابق في عمّان عوديد عيران، إن الانتخابات النيابية الأخيرة في الاردن لم تقدم جوابا قاطعا لا لبس فيه، حول تأثير الانتفاضات في العالم العربي على موازين القوى الحقيقية بين النظام والمعارضة في الأردن.

وذكر عيران في مقالة له ترجمتها صحيفة القدس العربي، لم تعط الانتخابات للبرلمان الاردني، التي انعقدت في 23 كانون الثاني 2013 جوابا قاطعا لا لبس له حول تأثير الانتفاضات في العالم العربي على موازين القوى الحقيقية في المملكة، بين المؤسسة برئاسة الملك، وبين المعارضة، وفي مركزها حركة الاخوان المسلمين. وواظب الطرفان على تمترسهما في مواقفهما الاولية: الملك باصراره على اجراء الانتخابات في اطار قانون الانتخابات الذي وافق على عناصره، والاخوان المسلمون بمقاطعة الانتخابات في ضوء رفض الحكم الاردني قبول مطالبهم.

ومع أن الملك عبدالله الثاني وافق في اثناء النقاش الجماهيري والبرلماني على عدة تغييرات الا ان معظمها كانت تجميلية وبالتأكيد ليست تغييرات يمكنها أن تقلص بشكل كبير من صلاحيات الملك. يخيل ان أهم هذه التعديلات هي اجراء انتخابات متوازية: الاولى، لـ 108 مقاعد (من اصل 150) في المحافظات الانتخابية المختلفة في الاردن وتوزيعها بطريقة تعطي أولوية للقوى التقليدية التي تؤيد النظام؛ والثانية، لـ 27 مقعدا في الانتخابات للقوائم على أساس قطري. الخمسة عشر مقعدا الاخرى خصصت للنساء.

والنسبة بين عدد المنتخبين على اساس المحافظات واولئك المنتخبين على أساس قطري شكلت احدى بؤر الخلاف مع المعارضة ولا سيما مع "الاخوان المسلمين" الذين قدروا، اغلب الظن، بان قوتهم اكبر على المستوى القطري. ولما كان الاخوان المسلمون قاطعوا الانتخابات فمن الصعب أن نقيس بدقة صحة التقدير.

ومن جهة اخرى تجدر الاشارة الى ثلاثة معايير عددية، تشير الى تقدير زائد لقوتهم. ففي فرصتين مختلفتين حاولت المعارضة اخراج مؤيديها للتظاهر ضد اجراء الانتخابات. وفي المرة الاولى توقع المنظمون 50 الف شخص وفي نهاية المطاف لم يصل الا عشرة الاف متظاهر. وحتى لو افترضنا عددا مشابها منعته قوات الامن من الوصول فلا يزال عدد المتظاهرين أبعد من توقعات المنظمين ومن الهدف العددي الذي وضعوه لانفسهم. في مناسبة اخرى، في المظاهرة التي نظمت قبل ايام من الانتخابات (18 كانون الثاني 2013) في منطقة جبل الحسين في عمان، شارك نحو 2.000 متظاهر فقط، ومرة اخرى، هذا بعيد عن الـ 20 الف متظاهر الذين توقعهم المنظمون.

وكان الفشل الاكبر في عدم قدرة الاخوان المسلمين على التخفيض باكبر قدر ممكن للمشاركين في التصويت عمليا، رغم أن الحكم الاردني اعطاهم الاداة لتحقيق هذا الهدف. فحسب قانون الانتخابات، فقد كان من يرغب في أن ينفذ حقه في التصويت، ملزما بان يسجل نفسه قبل يوم الانتخابات. ومن أصل المستحقين سجل، رغم ضغط المعارضة، 70 في المائة، اي 2.3 مليون مواطن. وهذه نسبة عالية جدا بين السكان ممن أبدوا في الماضي مشاركة ادنى في الساحة السياسية.

في الانتخابات نفسها، 1.23 مليون نسمة فقط تغلبوا سواء على "العائق" الاول من حيث التسجيل المسبق أم على مجرد الوصول الى صناديق الاقتراع. ولكن مشكوك أن يكون الاخوان المسلمون قادرين على أن يستخدموا معدل الـ 40 في المائة الذين اقترعوا عمليا من أصل 3 مليون مواطن اردني كان بوسعهم أن يقترعوا كي يتحدوا الانتخابات ونتائجها. فنتائج الانتخابات ايضا للمرشحين من القوائم القطرية تشير الى اشكالية معينة ولكن فيها أيضا لن يكون كافيا لتعزيز ادعاءات المعارضة. فـللسبعة وعشرين مقعدا وضعت للانتخابات على اساس قطري، تقدمت 61 قائمة. ثلاث منها فقط فازت بتمثيل في البرلمان الجديد. وحصلت القوائم التي فشلت على نحو ربع من اجمالي اصوات الناخبين اصوات "ضائعة". وينبغي الافتراض بان مزيدا من الاصلاحات في قوانين الاحزاب والانتخابات ستعالج ايضا مسألة القوائم القطرية، وذلك لانه في رؤياه يرى الملك عبدالله عددا أقل من الاحزاب، تعرض برامج شاملة لكل المسائل الاساس في المجتمع الاردني.

من اصل 27 مقعدا قطريا، فازت قائمة المركز الاسلامي بثلاث مقاعد ومع الـ 13 مقعدا التي فازت بها في المحافظات المختلفة، اصبحت جهة ذات مغزى مما يسمح لها بالمطالبة برئاسة البرلمان الجديد وكذا بدور في تحديد التوصيات التي ترفع للملك عن المرشح لرئاسة الحكومة. وعندما سئل الملك في مقابلة صحفية هل يمكنه أن يتعايش مع رئيس حكومة من "الاخوان المسلمين" تملص من الاجابة المباشرة ووجه الصحفي الى أنه في مصر 12 في المائة فقط صوتوا للاخوان المسلمين واضاف أنه يرى ذلك تحديا لاعادة هذه الحركة الى دائرة الاصلاحات في الاردن. كما ألمح الملك بان بتقديره 12 في المائة من عموم المقترعين بالفعل يعكسون قوة الحركة في الاردن. في هذه المرحلة من الصراع الداخلي في الاردن بين الملك وقوى المعارضة كانت يد الملك هي العليا. مطالب المعارضة، التي لم تستجب كانت ستضيق صلاحياته. وقسم كبير من المجتمع الاردني، بشرائحه المختلفة، شارك في حملة الانتخابات على أساس قانون الانتخابات، الذي يقبل الملك عناصره. كما أن التوبيخات الطفيفة التي وجهها نحو 400 مراقب اجنبي، لم تكن تعزيزا هاما لادعاءات المعارضة في عدم صحة الانتخابات. كما أن دخول 19 امرأة الى البرلمان رقم قياسي في تاريخ الاردن سيعزز شرعية هذه الانتخابات في نظر المواطن الاردني.

ان استمرار الصراع بين الملك والمعارضة سيتم سواء في البرلمان، من جانب منتخبين لا يمثلون القوى التقليدية، العشائرية بالاساس، والتي لا تزال تحتفظ بقوتها في البرلمان الجديد ايضا، أم خارج البرلمان، في الساحة العامة. وقد تناول الملك عبدالله الثاني في كل تصريحاته العلنية الاصلاحات واعتبرها عملية مستمرة وانه سيكون عرضة للضغوط لتوسيعها.

ان استقرار النظام في الاردن منوط ليس فقط باللعبة السياسية الداخلية. فقسم من الانتقاد، ولا سيما من جانب المؤيدين التقليديين للبلاط الملكي، ينبع من الازمة الاقتصادية وهذه لن تجد حلها قريبا، ناهيك عن ان الحكومة الاردنية مطالبة بتقليص الدعم الحكومي كشرط لتلقي المساعدات من المؤسسات الدولية (منذ بضعة ايام تجري مظاهرات عفوية في المملكة ضمن امور اخرى على خلفية الازمة الاقتصادية). لقد تلقى الاردن وعودا بالمساعدات المالية من دول الخليج المنتجة للنفط ولكن حتى هذه المساعدات تصل ببطء، حيث في هذه الحالة تسعى الدول المانحة الى أن ترى بالذات ابطاء في وتيرة تبني وتطبيق الاصلاحات في موضوع النظام وتقليص صلاحياته.

التدفق الهائل للاجئين من سوريا، والذين يقدر عددهم باكثر من ثلاثمائة الف شخص، يخلق عبئا ثقيلا على المملكة الهاشمية وحتى المساعدات المالية التي تستهدف التخفيف من العبء عن الاردن لاستيعابهم لن تحل كل المشاكل ولا سيما اذا ما طال تواجد هؤلاء اللاجئين في الاردن.

ينبغي الافتراض بان فشل الاخوان المسلمين في مصر في تصدير حكمهم ومشاهد الصراع العنيف في سوريا ستكبح جماح القوى المعارضة في الاردن، ولكن طريق الملك ليس مفروشا بالورود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد