قراءة في الميثاق الوطني الأردني لسنة 1991 (الميثاق الثاني)

mainThumb

19-04-2009 12:00 AM

أولاً: الخلفية التاريخية:
- جاء احتلال إسرائيل للضفة الغربية من المملكة عام 1967 ضربة قاصمة كان لها أبلغ الأثر في مُجمل أوضاع الأردن وفي الوطن العربي كله.
- على الرغم من أحداث أيلول المؤسفة التي تفجّرت على الساحة الأردنية عام 1970 بعد هزيمة الانظمة العربية سياسياً وعسكرياً ، فإن تلك الأحداث لم تقف حائلاً دون استمرار وحدة وتفاهم أفراد الشعب الأردني بكافة أطيافه لأيمانهم الصادق بالوحدة الوطنية وإدراكهم العميق لمخاطر الانقسام والفُرْقة والتشتُّت.
- كان قيام الاتحاد الوطني العربي في البلاد وإعلان الميثاق الوطني عام 1971 محاولة للإصلاح وسدّ الفراغ السياسي ، ولم يكن الاتحاد مهيّئاً لاستيعاب القوى السياسية المختلفة ومشاركتها على أساس التعددية السياسية، لذا تم تصفيته وإلغاء قانونه.
ثانياً: أسباب وظروف صدور الميثاق الوطني الأردني 1991:
كان صدور الميثاق الوطني نتيجة حتمية لأسباب وظروف عاشها المجتمع الأردني نظاماً وشعباً، وقد أجمع الأردنيون عليه وبحماس منقطع النظير في حزيران عام 1991 في مؤتمر وطني عام برئاسة المغفور له الملك حسين بن طلال ، ومن الأسباب والظروف التي استدعت صدور هذا الميثاق:
- الاستقرار ، وازدياد الوعي السياسي العام لدى المواطنين الأردنيين.
- التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية والانجازات الهامّة التي شهدتها البلاد التي تحقّقت منذ منتصف السبعينات منها:إقامة عدد من المشاريع الإنتاجية الكبيرة واستكمال إقامة معظم البُنى الأساسية في المملكة وارتفاع معدلات النمو في الإقتصاد الأردني والتوسع الكبير الذي طرأ على التعليم العام والعالي.
- لم يُواكب التحوّلات السابقة تطوّرات سياسيّة هامّة , فقد كان لغياب المشاركة الشعبية والانفراد في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي ، أثر في: تراجع الأداء العام في السنوات التي سبقت صدور الميثاق وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ، علاوة على عوامل وأسباب اقتصادية ومالية داخلية وخارجية أخرى.
- تفجُّر الأزمة السياسية والاقتصادية التي مسّت معظم فئات الشعب الأردني, وأدّت إلى أحداث الجنوب في نيسان عام 1989 وذلك نتيجة للظروف العامة التي شهدتها البلاد مثل: ارتفاع حجم المديونية وضغوطها على المواطنين وغياب الشفافية واستقرار السلطة التنفيذية وشيوع ظاهرة الفساد.


ثالثاً: محتوى وأهداف الميثاق الوطني الأردني 1991:
حتى يكتمل النهج الديمقراطي الذي اختاره الملك حسين بن طلال -يرحمه الله- قام جلالته بإصدار إرادة ملكية بتشكيل لجنة لوضع الميثاق الوطني وكلف لجنة ملكية مكونة من ستين عضواً ، مُثّلت فيه مختلف الفئات السياسية ومعظم الاتجاهات القومية الوطنية والدينية ، وضمت ممثلين عن الفعاليات الاقتصادية والنقابية ورجال الصحافة وأساتذة الجامعات والشّباب.
وفي قراءة متأنيّة للميثاق نجد انه اشتمل على ثمانية فصول كانت على النحو التالي:
- الفصل الأول (الميثاق-أسباب وأهداف): حدّد هذا الفصل الثوابت التي نصّ عليها الدستور, من حيث نظام الحكم ملكي وراثي, ودين الدولة الإسلام, والشّعب الأردني جزء من الأمة العربية, واحترام العقل والإيمان بالحوار، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، والأردنيون رجالاً ونساءً أمام القانون سواء ، وترسيخ دعائم دولة القانون, واحترام التعدديّة السياسيّة والحزبيّة، والقوات المسلحة سياح الوطن، وضرورة تحرُّر الاقتصاد الوطني من التبعيّة، واعتبار عقد التسعينات (من القرن العشرين) عقد حاسم للأردن لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين المُتمثّلة بثورات: الديمقراطية والتكتلات الاقتصادية والتقنية المتقدمة والمعلوماتية.
- الفصل الثاني: (دولة القانون والتعددية السياسية)وكان هذا الفصل حول تحديث دولة القانون, والتعددية السياسية وتحديث مُرتكزاتها, وضمان النهج الديمقراطي وترسيخ بنيانه وتنظيم الأحزاب.
- الفصل الثالث: (الأمن الوطني الأردني) وتوضيح مُرتكزاته وأركانه.
- الفصل الرابع: (المجال الاقتصادي) ويضع ت?Zصوُّراً للاقتصاد الوطني, الذي يقوم على أساس احترام الملكية الخاصة، التنظيم النّقابي، القضاء على الفقر، المياه، الزراعة، الصناعات الوطنية، قطاع الخدمات، السياحة، ضبط الاقتراض العام والبيئة النظيفة.
- الفصل الخامس: (المجال الاجتماعي) ويتركّز حول المجال الاجتماعي ومنظومة القيم (الأمومة-الأسرة-الأطفال-المرأة-الشباب-التكافل الاجتماعي، العمل التطوعي).
- الفصل السادس: (الثقافة والتربية والعلوم) كيفيّة تحسين هذه الجوانب ومتطلبات كل منها.
- الفصل السابع: (العلاقة الأردنية الفلسطينية) ي?Zعرض مُرتكزات العلاقة الأردنية الفلسطينية، الوحدة الوطنية هي القاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقة الوثيقة بين جميع المواطنين في الدولة الأردنية.
- الفصل الثامن: (العلاقات الأردنية العربية والإسلامية والدولية) وتوضيح المرتكزات والمبادئ لهذه العلاقات.


رابعاً: تقييــم الميثــاق:
منذ صدور الميثاق الوطني (قبل عقدين من الزمن تقريباً) أصبح هذا الميثاق يتصدر أدبياتنا السياسية والفكرية ويعتبر نموذجاً للوفاق الوطني ، لما تحقق له من إجماع وطني ، رغم ان الميثاق لم يأخذ صورة الإجراءات ، ولم تكن له آليات للتنفيذ ، ولكنه بقي موضع احترام الأردنيين ويحظى بمكانة مرموقة بعد الدستور ، وتمت صياغة هذا الميثاق - كما هو معلوم- من قبل اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني الأردني التي شكلها المغفور له الملك حسن على خلفية ندائه من أجل:
- المصالحة الوطنية على اثر أحداث نيسان عام 1989، وقد تحقّقت هذه المصالحة.
- إنهاء الأحكام العُرفية.
- استعادة الأردنيين لحقوقهم الدستورية التي كانت معطلة( الانتخابات والأحزاب).
ولذا يُعتبر هذا الميثاق أحد أدوات المشاركة الجماهيرية , ورديفاً للانتخابات, وأجمع الكل بمن فيهم الأحزاب على هذا الميثاق وأقرّت الأحزاب الالتزام بثلاث وثائق هي: الدستور والقانون ( قانون الأحزاب) والميثاق .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد